للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قريشٍ، واحتجاجاً عليهم لنبيّه ، وهذه الآيةُ نظيرةُ سائِرِ الآياتِ قبلَها، ولم يَجرِ لأهلِ الكتابِ ولا لليهودِ قبلَ ذلك ذِكرٌ فتوَجَّه هذه الآيةُ إلى أنَّها فيهم نزلَت، ولا دلَّ على انصرافِ الكلامِ عن قَصَصِ الذين تقدَّمَ الخبرُ عنهم معنىً، غيرَ أنَّ الأخبارَ قد وردَت عن جماعةٍ مِنْ أصحابِ رسولِ الله بأنَّ ذلك عُنِيَ به عبدُ الله بنُ سَلامٍ، وعليه أكثرُ أهلِ التَّأويلِ، وهُم كانوا أعلمَ بمعاني القرآنِ، والسَّببِ الذي فيه نزلَ، وما أُريدَ به» (١).

وأمّا التَّرجيحُ بأمرٍ خارجٍ عن السَّندِ والمَتنِ فكالتَّرجيحِ بكونِ أحدِ الخبرَيْن ناقلاً عن حكمِ الأصلِ، وتقديمِ الحظرِ على الإباحةِ، وتقديمِ التّأسيسِ على التّأكيدِ، ومَنعِ التَّكرارِ على القَولِ به، والتَّباينِ على التَّرادفِ، وتكثيرِ المعاني على تَقليلِها، ونحوِ ذلك.

ومِن أمثلةِ ذلك التَّرجيحُ بما يتَّسعُ به المعنى، كما في قَولِه عند قولِه تعالى ﴿وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ﴾ [الأنعام: ٥٥]: «وأَولى القراءَتَيْن بالصَّوابِ عندي في (السَّبيلِ) الرَّفعُ؛ لأنَّ الله تعالى ذِكرُه فصَّلَ آياتِه في كتابِه وتَنزيلِه ليتبيَّنَ الحقَّ بها مِنْ الباطلِ جميعُ مَنْ خُوطِبَ بها، لا بعضٌ دون بعضٍ، ومَن قرأَ (السَّبيلَ) بالنَّصبِ، فإنَّما جعلَ تَبْيِينَ ذلك مَحصوراً على النَّبيِّ ) (٢).

وكذا التَّرجيحُ بمنعِ الزِّيادةِ في القرآنِ، كما في قَولِه: «زعمَ بعضُ المَنسوبين إلى العلمِ بلُغاتِ العربِ مِنْ أهلِ البَصرةِ أنَّ تأويلَ قولِه


(١) جامع البيان ٢١/ ١٣١.
(٢) جامع البيان ٩/ ٢٧٧. وينظر: ١/ ١٥١، ١١/ ١٠٥.

<<  <   >  >>