للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾ [البقرة: ٣٠]: وقالَ ربُّك. وأنَّ (إذْ) مِنْ الحروفِ الزَّوائِدِ، وأنَّ معناها الحذفُ .. ، قالَ أبو جعفرُ: والأمرُ في ذلك بخلافِ ما قالَ؛ وذلك أنَّ (إذْ) حرفٌ يأتي بمعنى الجَزاءِ، ويدلُّ على مَجهولٍ مِنْ الوَقتِ، وغيرُ جائِزِ إبطالُ حرفٍ كانَ دليلاً على معنىً في الكلامِ» (١).

وقَولِه مُرجِّحاً بعدمِ التَّكرارِ، مع الأخذِ بالسّياقِ الأقربِ، في قولِه تعالى ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا﴾ [النساء: ٣٠]: «فإن قالَ قائلٌ: فما منعَك أن تجعلَ قَولَه ﴿ذَلِكَ﴾ مَعنيّاً به جميعَ ما أَوعدَ الله عليه العقوبةَ مِنْ أوَّلِ السّورةِ؟ قيلَ: منعَني ذلك أنَّ كلَّ فَصلٍ مِنْ ذلك قد قُرنَ بالوَعيدِ، إلى قَولِه ﴿أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء: ١٨]، ولا ذِكرَ للعقوبةِ مِنْ بعد ذلك على ما حرَّمَ الله في الآيِ التي بعده، إلى قَولِه ﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا﴾ [النساء: ٣٠]. فكانَ قَولُه ﴿وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ﴾ [النساء: ٣٠] مَعنيّاً به ما قُلنا مِمّا لم يُقرَنْ به بالوَعيدِ، مع إجماعِ الجميعِ على أنَّ الله تعالى قد توعَّدَ على كُلِّ ذلك = أَولى مِنْ أن يكونَ مَعنيّاً به ما يتسلَّفُ فيه الوعيدُ بالنَّهيِ مَقروناً قبلَ ذلك» (٢).

وإن كانَ التَّرجيحُ بين عَقليَّيْن فيكونُ مِنْ جِهةِ الأصلِ، أو الفَرعِ، أو مِنْ خارجٍ عنهما، في بابِ القياسِ والنَّظائرِ، أو بالنَّظرِ إلى الظَّنِّ الأقوى بحسبِ اجتهادِ النَّاظرِ فيما عدا ذلك، وكذا الأمرُ في التَّرجيحِ بن نَقليٍّ وعَقليٍّ.

وذلك كترجيحِ النَّظيرِ المُجمعِ عليه، أو ما ثبتَ بالتّواترِ، أو اعتضدَ


(١) جامع البيان ١/ ٤٦٦. وينظر: ٢/ ٢٣٥، ١٠/ ٨٥.
(٢) جامع البيان ٦/ ٦٣٩. وينظر: ١/ ١٥١.

<<  <   >  >>