للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جريرٍ (ت: ٣١٠): «لأنَّ إصابَتَهُ ليست إصابةَ موقِنٍ أنَّهُ مُحِقّ، وإنَّما هو إصابةُ خارِصٍ وظانٍّ، والقائلُ في دينِ الله بالظَنِّ قائلٌ على الله ما لا يعلم، وقد حَرَّمَ الله جَلَّ ثناؤُه ذلك في كتابِه على عبادِه» (١)، وقالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «كمَن حكمَ بين النّاسِ على جهلٍ فهو في النّارِ، وإن وافقَ حكمُهُ الصَّوابَ في نَفسِ الأمرِ، لكن يكونُ أخفُّ جُرماً ممَّن أخطأَ، وهكذا سَمَّى اللهُ تعالى القَذَفَةَ: كاذبين. فقالَ: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ [النور: ١٣]، فالقاذفُ كاذبٌ، ولو كانَ قد قذفَ مَنْ زَنَى في نَفسِ الأَمرِ؛ لأنَّه أخبرَ بِمَا لا يَحِلُّ لَه الإخبارُ به، وتَكَلَّفَ ما لا عِلمَ لَهُ به» (٢).

ولأجل ذلك اشتهرَ عن بعضِ السَّلفِ التَّهيّبُ مِنْ الكلامِ في كتابِ الله تعالى ما لم تكن لأحدِهم حُجَّةٌ بَيِّنة، وكانَ ذلك مِمَّا رَسَّخَ منهجَ الاستدلالِ في تفاسيرِهم وأبرزَه جَلِيّاً، فعن مسروق (ت: ٦٢) قالَ: «اتقوا التَّفسيرَ؛ فإنَّما هو الروايةُ على الله ﷿) (٣)، وقالَ إبراهيمُ النَّخعي (ت: ٩٦): «كانَ أصحابُنا يتَّقون التَّفسيرَ ويهابونَه» (٤)، وقالَ الشَّعبي (ت: ١٠٣): «والله ما مِنْ آيةٍ إلا وقد سألتُ عنها، ولكنَّها الرِّوايةُ عن الله تعالى» (٥)، وقالَ عبيدُ الله بن عمر (ت: ١٤٧): «كانَ مَنْ أدركتُ


(١) جامع البيان ١/ ٧٢.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٧١.
(٣) فضائل القرآن، لأبي عبيد (ص: ٢٢٩).
(٤) المرجع السابق.
(٥) جامع البيان ١/ ٨١.

<<  <   >  >>