للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستشهادِ عليه -أحياناً- بكلامِ العربِ نثراً أو شعراً، وهو المسلَكُ الذي سارَت عليه معاجمُ اللغة. وأكثرُ ما يكون البحثُ في هذا النوعِ في غريبِ ألفاظِ القرآنِ وغيرِ المشهورِ مِنها؛ ولذلك كَثُرَ اعتناءُ اللغويين به، وصارَ موضوعَ كُتب (غريبِ القرآن). وقد بَيَّن الزركشيُّ (ت: ٧٩٤) وجوهَ النظرِ في المفردات القرآنية، وحصرَها في ثلاثِ جهاتٍ:

الأولى: جهةُ المعاني التي وُضِعَت الألفاظ المُفرَدة بإزائِها. وهذا يتعلقُ بعلمِ اللغةِ والمعاجمِ.

الثّانية: جهةُ الهيئاتِ والصِّيَغ الوارِدةِ على المفرداتِ؛ الدَّالَّةِ على المعاني المختلفةِ. وهذا يتعلَّق بعلمِ التَّصريفِ.

الثّالثة: جهةُ رَدِّ الفروعِ المأخوذةِ مِنْ الأصولِ إليها. وهذا يتعلَّقُ بعلمِ الاشتقاقِ. (١)

ثُمَّ هذا النوعُ مِنْ البيانِ مُتَقدِّمٌ على المعنى التَّركيبيِّ الإجماليِّ، وأصلٌ له؛ فينبغي البداءَةُ به قبل التركيبيّ، قالَ ابنُ الأثير (ت: ٦٠٦): «ثمَّ الألفاظُ تنقَسمُ إلى: مُفردَةٍ ومُركَّبة، ومعرفةُ المفردةِ مقَّدمةٌ على معرفةِ المركَّبةِ؛ لأنَّ التركيبَ فَرْعٌ عن الإفرادِ» (٢)، وقالَ الرّاغبُ الأصفهاني (٣) (ت: بعد ٤٠٠): «أوَّلُ ما يحتاجُ أن يُشتغلَ به من علومِ


(١) البرهان في علوم القرآن ٢/ ١٧٣. وينظر: الإكسير في علم التَّفسير ١/ ٤٨، والبحر المحيط ١/ ١٠٥.
(٢) النهايةُ في غريب الحديث ١/ ٧.
(٣) الحسين بن محمد بن المفضل، أبو القاسم الأصفهاني، من أعلام الأدب والحكمة، صنّف المفردات في غريب القرآن، والمحاضرات، وغيرها، توفي بعد (٤٠٠). ينظر: السير ١٨/ ١٢٠، وبغية الوعاة ٢/ ٢٩٧.

<<  <   >  >>