للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآنِ: العلومُ اللفظيَّة. ومِن العلومِ اللفظيَّةِ تحقيقُ الألفاظِ المُفردةِ؛ فتحصيلُ معاني مُفرداتِ ألفاظِ القرآنِ في كونِه مِنْ أوائلِ المَعاوِنِ لمن يريدُ أن يُدرك معانيه = كتحصيلِ اللَّبِنِ في كونِه مِنْ أوَّلِ المَعاوِنِ في بناءِ ما يُريدُ أن يبنيه» (١).

وينبغي ألاَّ يُتَسَرَّعُ في حملِ المعاني القرآنيَّةِ على معنى اللفظ مُجَرَّداً؛ فإن هذه المعاني الإفراديَّةَ -وإن كانَت أصلاً للمعنى التَّركيبيّ- لا تكفي في تحديدِ المُرَادِ مِنْ الكلامِ، بل لابُدَّ مِنْ الوقوفِ على سياقِ الكلامِ، وسَبَبِه، ومَعْرِفةِ قولِ من شَهِدَهُ وعاصَرَه، ومِن ثَمَّ أخذَ العلماءُ على بعضِ أهلِ اللغَةِ: اعتمادَ اللغةِ مصدراً مُستَقِلاًّ للتَّفسيرِ، دون الالتفاتِ إلى غيرها مِنْ المصادِر. (٢)

وقد وردَ عن السَّلفِ تفسيرُ كثيرٍ مِنْ مُفرَداتِ القرآنِ على اللفظِ، ومِن ذلك قول ابن عباس لَمَّا سُئِلَ عن قوله تعالى ﴿وَفُومِهَا﴾ [البقرة: ٦١] قالَ: «الحِنْطَة؛ أمَا سمعتَ قولَ أُحَيْحَةَ بن الجُلاحِ:

قد كُنْتُ أغنى الناسِ شَخصَاً واحداً … وَرَدَ المَدينَةَ عن زِراعةِ فومِ» (٣).


(١) المفردات (ص: ٥٤). وهي في البرهان في علوم القرآن ٢/ ١٧٣ بتصحيفِ: (المُعاوِن) إلى: (المَعادن). وينظر: البحر المحيط، لأبي حيَّان ١/ ١٠٤.
(٢) ينظر: تفسير غريب القرآن (ص: ٢١٧)، وجامع البيان ١٦/ ٣٨ - ٤١، ١٨/ ١٩، ٢٣/ ١٧٩، والتَّفسير اللغوي (ص: ٦٣٣). وستأتي الإشارةُ إلى هذا المعنى -إن شاء الله- في موضعه من أدلَّة المعاني.
(٣) جامع البيان ٢/ ١٨. وينظر في أمثالِه: ٣/ ٢٩٧، ٤٥٨، ٦/ ٣٧٧، ٣٨١، ٩/ ١٧٥، ١٠/ ١٠٤، ١٦/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>