للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «وقد ذُكِرَ أنَّ تسْميةَ الحِنطَةِ والخبزِ جميعاً فوماً مِنْ اللُّغةِ القديمَةِ، حُكيَ سماعاً مِنْ أهلِ هذه اللُّغةِ: فَوِّمُوا لنا. بمعنى: اخْتَبزوا لنا» (١).

كما اعتنى ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) بتفسيرِ مفرداتِ القرآنِ عنايةً كبيرةً، وسلك في تفسيرِها مسلكاً غايةً في التَّحقيقِ، يبدؤه غالباً ببيانِ أصلِ اللفظةِ، ثمَّ بنائِها الصَّرفيّ واشتقاقِها عند الحاجةِ، ثم يستشهدُ على ذلك بكلامِ العربِ ومشهورِ ألفاظِها مِنْ النَّثرِ أو الشِّعرِ، وبالقرآنِ والسُّنَّةِ وأقوالِ السَّلفِ، وقد يَعرضُ أثناءَ ذلك لأقوالِ المخالفين، مع الردِّ عليها بالحُجَّةِ والدَّليلِ، ولا يلزمُ اجتماعُ ذلك في الموضعِ الواحدِ. ومِن أمثِلَةِ ذلك قولُه: «الأليمُ: الموجِعُ. ومعناه: ولهم عذابٌ مُؤْلمٌ. فصُرفَ مُؤْلمٌ إلى أليمٍ، كما يُقالُ: ضربٌ وَجيعٌ. بمعنى: موجِعٌ. والله بديعُ السمواتِ والأرضِ. بمعنى: مُبدعٌ. ومِنه قولُ عمرِو بن مَعْدِيكرِبَ الزّبيدي (٢):

أَمِنْ رَيْحَانَةَ (٣) الدَّاعِي السَّمِيعُ … يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ

بمعنى المُسمِعُ. ومِنه قولُ ذي الرُّمَّةِ (٤):

ونرفعُ مِنْ صُدُورِ شَمَرْدَلاتٍ (٥) … يَصُدُّ وُجُوهَهَا وَهَجٌ أَلِيمُ


(١) جامع البيان ٢/ ١٨. وينظر: مقاييس اللغة ١/ ٣٣٥.
(٢) البيت في ديوانِه (ص: ١٣٦).
(٣) هي ريحانَة بنت مَعْدِيكرب، أخت عمرو، وأمُّ دريد بن الصِّمَّة. ينظر: الأغاني ١٠/ ٤.
(٤) البيت في ديوانِه ٢/ ٦٧٧.
(٥) الشَّمَرْدَلَة: الناقة الحَسَنَةُ الخَلق، القويةُ على السَّير. ينظر: لسان العرب ٧/ ٣٩٥.

<<  <   >  >>