للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولى: جهةُ تأْدِيَةِ التراكيبِ لأصلِ المعنى بحسَبِ الإعرابِ. أو ما دَلَّ عليه المُرَكَّبُ بحسبِ الوضعِ، وهذا يتعلَّقُ بعلمِ النَّحوِ.

الثّانيةُ: جهةُ إفادَةِ التراكيبِ لمعنى المعنى؛ أي لازمِ أصلِ المعنى الذي يختلفُ باختلافِ مُقتَضى الحالِ، وهذا يتعلَّقُ بعلمِ المعاني.

الثّالثةُ: جهةُ طُرُقِ تأدِيَةِ المعنى المقصودِ بحسَب وضوحِ الدَّلالةِ ومراتبِها، وهذا يتعلَّقُ بعلمِ البيانِ.

الرّابعةُ: جهةُ الفصاحةِ اللفظيَّةِ والمعنويَّةِ والاستحسانِ، وهذا يتعلَّقُ بعلمِ البديعِ. (١)

ويأتي البيانُ التَّركيبيُّ في كلامِ المُفَسِّرين في عِدَّةِ صورٍ؛ مِنها: التَّفسيرُ بالمثالِ، واللَّازمِ، وجُزءِ المعنى، وبما يؤول إليه الأمرُ، قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «فإنَّ مِنهم- أي: مُفَسِّري السَّلفِ- مَنْ يُعبِّر عن الشيء بلازِمِه، ونظيرِه، ومِنهم مَنْ يَنُصُّ على الشيءِ بعينِه» (٢)، وقالَ ابنُ القيم (ت: ٧٥١): «السَّلفُ كثيراً ما يُنَبِّهون على لازمِ معنى الآيةِ، فيظُنُّ الظانُّ أنَّ ذلك هو المُرادُ مِنها» (٣). ومِن أمثِلَةِ ذلك عنهم قولُ قتادة (ت: ١١٧) في قولِه تعالى ﴿وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾ [البقرة: ٢٦٥]: «احتساباً مِنْ أنفُسِهم» (٤)، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «وهذا القَولُ أيضاً قولٌ بَعِيدُ المعنى مِنْ معنى التَّثْبيتِ؛ لأنَّ التَّثْبيتَ لا يُعرفُ في شيءٍ مِنْ


(١) ينظر: البرهان في علوم القرآن ٢/ ١٧٣. وذكَرَ قريباً منها أبو حيَّان في البحر المحيط ١/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٩. وينظر منه: ١٣/ ٣٣٥.
(٣) إعلام الموقعين ٢/ ٢٩٣. وينظر منه: ٢/ ٢٨٤، والصواعق المُرسلة ٢/ ٦٩٩.
(٤) جامع البيان ٤/ ٦٧٢.

<<  <   >  >>