للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قالَ فقهاءُ الأمصارِ (١)، ويروى عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما (٢) -.

وتمسَّكوا: إما بالقياسِ على الكلابِ، فكل ما قَبِلَ التعليمَ فهو آلةٌ لذكاةِ الصيد، وإما بأنه مشتق من الكَلَبِ الذي هو الشدة، لا من اسمِ الكَلْب، فيكونُ معناه: مُغْرينَ للجوارحِ على الصيد، وبهذا فسرهُ ابنُ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-.

* فإن قال قائل: فهل الإغراءُ أو الإرسالُ واجبٌ في الاصطيادِ، أولا؟.

قلت: هو واجب في قولِ جمهور العلماء، فلا يَحِلُّ ما أمسكه الكلبُ باسترساله؛ لقوله تعالى: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: ٤]، أي: مُغْرين؛ كما فسره ابنُ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلتَ كلبكَ المُعَلَّمَ".

فإن قال: فهل تجُدُ في الآية دليلًا غيرَ تفسير ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-؟ قلت: نعم، قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤]، أي: على الاصطياد؛ إذ لا يجوزُ عودُ الضَّميرِ على الأكل، ويكون المرادُ التسميةَ عندَ الأكل، وإذا تعيَّنَ ذلك، وتعين وجوبُ التسمية عند من يقول به، تعينَ القولُ عنده بوجوبِ الإرسال (٣).


(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٣٠٩)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (١٥/ ٦) و"الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٢٧٧)، و"المغني" لابن قدامة (٩/ ٢٩٦).
(٢) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٨٤٩٧)، و"تفسير الطبري" (٦/ ٩٠).
(٣) انظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٤٦٧)، و"معالم التنزيل" للبغوي (٢/ ١٢)، و"الكافي" لابن قدامة (١/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>