للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبما روى ابنُ عمرَ -رضي الله تعالى عنه-: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "التيمُّمُ ضَرْبتان: ضَرْبةٌ للوجهِ، وضربةٌ لليدينِ إلى المرفقين" (١).

وبهذا قال عليٌّ وابنُ عمرَ (٢)، ومالِكٌ والشافِعيُّ وأبو حنيفةَ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم (٣) -.

وحملَهُ قومٌ على الكفينِ.

واستدلوا بما رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ عن عمارِ بنِ ياسرٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنه- أنه قال: بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجَةٍ، فأَجْنَبْتُ، فلمْ: أجدِ الماءَ، فَتَمَرَّغْتُ في الصَّعيدِ كما تَمَرَّغُ الدابَّةُ، ثم أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلكَ له، فقال: "إنما يكفيكَ أن تقولَ بيديكَ هكذا" ثم ضربَ الأرضَ ضربةً واحدةً، ثم مسحَ الشِّمالَ على اليمينِ، وظاهرَ كَفَّيْهِ ووَجْهَهُ (٤).

وبهذا قالَ الأوزاعيُّ، وأحمدُ، وإِسْحاقُ، وعامَّةُ أصحابِ الحديثِ (٥).

فيحتمل أنهم رَجَّحوا حديثَ عَمَّارٍ؛ لصِحَّته، وأنهم حَملوا غيرَه على الاستحباب، والآخرونَ إنما قَدَّموا حديَث ابنِ الصِّمَّةِ على حديثِ عَمّارِ؛ لاتفاقِهِ، واختلافِ حديثِ عمارٍ.

فروى الزهريُّ عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ عن أبيهِ: أن عَمّارَ بنَ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١/ ٣١١).
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٢٣٤)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٣٧)، و"التمهيد" لابن عبد البر (١٩/ ٢٨٢).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) وهو رواية عن مالك والشافعي وقول الظاهرية. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ٢٣٤)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٥٠)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ١٥٤)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>