للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ياسرٍ قال: تيمَّمْنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكِبِ (١).

وروى الزهريُّ أيضًا عن عُبيد اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ عنْ أبيه: أن عمارَ بنَ ياسرٍ قال: كنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فنزلتْ آيةُ التيمم (٢)، فتيممنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المناكِب (٣).

فهذا تصريحٌ بان هذا أولُ تَيمُّمٍ كان حينَ نزلتْ آيةُ التيمم.

فلا تخلو روايتُه التي قَدَّمناها: إمّا أن تكونَ ناسِخَةً لهذه؛ لخلوِّها عن (٤) هذا التاريخ بالأولية، أو تكونَ مخالفةً لها من غير نسخ، فالأخذُ بمَنْ لم تختلفْ روايتُه أولى ممَّنِ اختلفَتْ روايتُه، ولأنُه أشبهُ بالقرآن من روايتي عمار، وأشبهُ بالقياس؛ لأن التيمُّمَ بَدَلٌ من الوُضوء، وينبغي أن يكونَ البَدَلُ مِثْلَ المُبْدَلِ منه.

ويظهرُ لي بَحْثٌ في الجَمْعِ بينَ حديثِ عَمَّارٍ وغيرِه من الأحاديثِ، وبينَ رواياتِ عمارٍ أيضًا، وهو أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قصدَ أن يردَّ على عَمَّارٍ فِعْلَهُ، ويبينَ له غلطَهُ، حيثُ عَمَّ بدنه بالتمرُّغِ، وتركَ الضربَ باليدينِ والمسحِ بهما، فبينَ له كيفيةَ العملِ، وأنه لا بدَّ من الضربِ باليدينِ، ولم يردْ بيان مقدارِ الواجب، فقال لهُ: "وأما أنت يا عَمَّارُ فلمْ يكُنْ ينبغي لكَ أن تَتَمَعَّكَ كما


(١) رواه النسائي (٣١٥)، كتاب: الطهارة، باب: الاختلاف في كيفية التيمم، وابن ماجه (٥٦٦)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في السبب، والبزار في "مسنده" (١٤٠٣)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (١٦٠٩)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٧٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ١٣٨).
(٢) وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} الآية [المائدة: ٦].
(٣) رواه ابن ماجه (٥٦٥)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في السبب. وانظر تخريج الحديث السابق.
(٤) في "ب": "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>