للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: ٤٥].

قد تقدم الحكمُ على هذه الآيةِ في "سورةِ البقرةِ"، وكيفيةُ الجمعِ بين الآيتين.

* وقد تمسَّك أبو حنيفةَ بظاهرِ هذهِ الآيةِ في (١) قتلِ المُسلمِ بالذِّمِّيَ (٢)، وفي قتلِ الحُرِّ بالعبدِ، وقد تقدَّمَ الجوابُ عنِ التَّمَسُّكِ بهذا العمُوم.

* وذكر اللهُ سبحانَهُ في آيةِ البقرةِ القِصاصَ في القَتْلى، وذكر هنا القِصاصَ في الأَعْضَاءِ والجُروحِ، فَخَصَّ بالذِّكْرِ شيئاً، وعَمَّ بعدَ ذلكَ سائرَ الجُروحِ.

* والقصاصُ هو المُساواةُ والمُماثَلَةُ، وذلك يوجبُ أن تُؤْخَذَ العينُ اليمينُ بالعينِ اليمينِ، واليُسرى باليُسرى، واليد اليمين باليدِ اليمين، واليُسرى باليُسرى، الكُلُّ بالكُلِّ، والبعضُ بالبعضِ، وضابطُه أن كلَّ جرحٍ أَمْكَنَ فيهِ القِصاصُ والمُماثَلَةُ، ولم يُخْشَ منه الموتُ، فقد وجبَ فيهِ القِصاصُ.

وكذلكَ لفظُ القصاص يقتضي أن يُقْتَصَّ بالآلة التي جُنِيَ بِها.

وقد بين النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك بفعله، فشدخَ رأسَ يهوديٍّ، كما شدَخَ رأسَ جاريةٍ (٣)، وتفصيل هذا يستدعي ذكرَ مسائلَ كثيرةٍ، وقد اتفقَ العلماءُ على وُجوبِ المُماثَلَةِ، وإنِ اخْتَلفوا في تفاصيلِها (٤) (٥).


(١) في "ب": "بقتل".
(٢) في "ب": "في الذمي".
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) في "ب": "تفصيلها".
(٥) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٢٦)، و"الحاوي الكبير" للماوردي =

<<  <  ج: ص:  >  >>