للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وذهب مالِكٌ إلى ما عليهِ عَمَلُ أهلِ المدينة (١)، فَثَنَّى التكبيرَ، ورَبَعَّ الشهادتينِ، ولم يُرَجِّعْ، ثم باقي الأَذان مَثْنى.

وقد رُوِيَ تَثْنِيَةُ التكبير في أَوَّلِ الأذانِ عنْ عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ، وأبي مَحْذورةَ أيضاً.

كما روي عنه التربيع في التكبير، وأوتر الإقامةَ كالشافعيِّ، إلا كلمةَ الإقامَةِ، فإنَّهُ لم يُثَنِّها.

ويدلُّ لهُ ما رَوى أنسُ بنُ مالِكٍ - رضىَ اللهُ تعالى عنه - أَنَّ بِلالاً أُمِرَ أنْ يَشْفَعَ الأذانَ، ويُوتِرَ الإقامَةَ.

ولم يرهُ الشافِعيُّ مخالِفاً تقَدَّمَ عن أنسٍ أيضاً، فقال: هذا ثابتٌ، وبه نقولُ، فنجعلُ الإقامَةَ وِتْراً، إلا في مَوْضِعَيْنِ: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، في أولِ الأذان، وقَدْ قامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ، فإنَّهما (٢) شَفْعٌ (٣).

وحملَ المُطْلَقَ في روايةِ أنسٍ على المُقَيَّدِ.

وهو جوابٌ حَسَنٌ، لكنَّ مالِكاً لم يعتَمِدْ إلا على عَمَلِ أهلِ المدينة.

قال مالِكٌ: لم يَبْلُغْني في النِّداءِ والإقامَةِ إلَّا ما أَدْرَكُتْ الناسَ عليه، فأَمَّا الإقامَةُ، فإنَّها لا تُثَنَّى، وذلكَ الذي لم يَزَلْ عليهِ أهلُ العِلْمِ ببلدِنا (٤).

وهو معتمدٌ قويٌّ لأنَّ هذا شيءٌ طريقُه النقلُ، ولو كانَ حصلَ فيه نقصٌ أو زيادةٌ أو تغييرٌ، لَعُلِمَ عندَهم، بل ما عُلِم إلا أنهُ كانَ على هذا، فروى مالِكٌ عن عَمِّهِ أبي سُهَيْلِ بنِ مالِكٍ عن أبيهِ: أنه قال: ما أعرفُ شيئاً ممّا


(١) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢٤/ ٢٨)، و"الذخيرة" للقرافي (٢/ ٤٤).
(٢) في "أ": "فإنها".
(٣) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (١/ ٤٣٩).
(٤) انظر: "الموطأ" للإمام مالك (١/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>