للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ونهى (١) اللهُ سبحانَه بهذهِ الآيةِ عَبْدَهُ المؤمنَ أن يُحَرِّمَ على نفِسه ما أَحَلَّهُ له.

فإنْ فعلَ ذلكَ تشريعاً، فهو كُفْرٌ (٢).

وإن فَعَلَهُ تزَهُّداً كَفِعْلِ الصحابَةِ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم - فهو مكروهٌ (٣)؛ وفاقاً للشيخِ أبي حامدٍ (٤)، والجُمهورِ من الشافعيةِ (٥)، وخلافاً للقاضي أبي الطَّيِّبِ.

وإن حَرَّمَهُ بلسانهِ دونَ اعتقادِه، فهو كَذِبٌ حَرامٌ يستغفرُ اللهَ سبحانَه منه، ولا يحرمُ عليهِ، ولا يجبُ عليه شيءٌ من الكَفَّارةِ.

وقال أبو حَنيفةَ: هو يمينٌ تجبُ بهِ الكفَّارةُ، فهو كما لو قالَ: واللهِ لا فَعَلْتُ كَذا (٦).

* وهذا مُتَفَرِّعٌ عن مسألة أخرى، وهي هل اليمينُ تُحَرِّمُ فِعْلَ المَحْلوفِ عليهِ، أو لا؟

فقال الشافعيُّ ومالِكٌ: اليمينُ لا تُحَرِّمُ (٧).


(١) في "ب": "فنهى".
(٢) انظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ٤٢٩).
(٣) مَنْ خالف منهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يحرموا على أنفسهم الطيبات، كما مرَّ في التعليق السابق من حديث أنس رضي الله عنه.
(٤) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٣/ ٩٦).
(٥) وهو قول عامة أهل العلم. انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ١١٠)، و"الاعتصام" للشاطبي (١/ ٣٤٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٢٦٢).
(٦) انظر: "شرح فتح القدير" لابن الهمام (٥/ ٧٧)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ١٦٨).
(٧) انظر: "شرح البخاري" لابن بطال (٦/ ١٢٣)، و"التمهيد" لابن عبد البر =

<<  <  ج: ص:  >  >>