للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حَنيفةَ: اليمينُ تُحَرِّمُ (١).

واختارَهُ ابنُ العَرِبيِّ المالِكِيُّ (٢)، قال: لأنَّ الحالِفَ إذا قالَ: واللهِ لا دَخَلْتُ الدَّارَ، فإنَّ هذا القولَ قَدْ مَنَعَهُ منَ الدُّخولِ حتى يُكَفِّرَ، فإنْ أقدمَ على الفعلِ قبلَ الكفارةِ، لزمَهُ أداؤها، والامتناعُ هو التحريمُ بعينهِ، والباري تَعالى هو المُحَرِّمُ، وهو المُحَلِّلُ، ولكنَّ تحريمَهُ قد يكونُ ابتداءً كمحرَّماتِ الشريعَةِ، وقد يكونُ بأسبابٍ يُعَلِّقُها بأفعالِ المُكَلَّفينِ؛ كتعليقِ التَّحريمِ بالطَّلاقِ، والتَّحريمِ باليَمين، ويرفعُ هذا التحريمَ الكفّارَةُ والنِّكاحُ بِحَسَبِ ما رَتَّبَ سبحانَه منَ الأحكامِ (٣).

ولكنه ضَعَّفَ إلحاقَ أبي حنيفةَ قولَه: حَرَّمْتُ على نَفْسي كذا بقولِه: واللهِ لا فَعَلْتُ كذا، قال: لأنهُ باليَمين حَرَّمَ، وأَكَّدَ التَّحريمَ بذكرِ اللهِ تعالى، وبغيرِ اليمينِ حَرَّمَهُ وحدَهُ دونَ ذكرِ الله تعالى، وكيفَ يُلْحَقُ ما لم يُقْرَنْ به ذكرُ اللهِ تعالى بما قُرِنَ بهِ ذكرُ اللهِ تعالى؟ ثم قال: وهذا الإلحاقُ لا يَخْفى تَهاتُرُهُ (٤) على أحدٍ (٥) (٦).

والذي أراهُ أنَّ الإلحاقَ صَحيحٌ؛ لأن اللهَ سبحانَه سَمَّى تحريَم المرأةِ على نَفْسِها يميناً، وأوجَبَ فيه الكَفَّارَةَ، وقال تعالى في سورة التحريم:


= (٢١/ ٢٤٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٢٦٥).
(١) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٨/ ١٣٤)، و"العناية شرح الهداية" للبابرتي (٦/ ٤٨٥).
(٢) "المالكي" ليس في "أ".
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٥٢).
(٤) تهاتره: التهاتُر: الشهادات التي يكذِّب بعضها بعضاً. "القاموس" (مادة: هتر) (ص: ٤٤٦).
(٥) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٤٨ - ١٤٩).
(٦) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>