للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: ١]، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ٢].

وإنَّما استثنى مالِكٌ والشافِعيُّ من تحريمِ الرجلِ على نفسِه ما خَلا الزَّوْجَةَ، فلم يُوجِبا فيها الكَفَّارَةَ، وسيأتي الكلامُ على هذا في "سورةِ التحريمِ" -إن شاء الله تعالى-.

* * *

١٢٠ - (١٧) قوله تبارَكَ وتعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: ٨٩] الآية.

* ذكر اللهُ سبحانَهُ اليمينَ في آيتينِ من كتابهِ العزيز، وقَسمها إلى لَغْوٍ وغَيْرِه.

- فأما اللَّغْوُ، فقد ذكرتُ اختلافَ العلماءِ فيه.

وأما حقيقَتُه، فهو ما كانَ باطلاً وما لا يُعْتَدُّ بهِ منَ القول، ومنه قيلَ لولد الناقَةِ الذي لا يُعْتَدُّ بهِ في الدِّيَةِ: لَغْوٌ.

وحقيقةُ هذا الاسمِ واقعةٌ على الأقوالِ جميعِها، إما وَضْعاً، وإمّا شَرْعاً، لكنه فيما اختارَهُ الشافِعيُّ أَظْهَرُ وقوعاً.

- وأما غيرُ اللَّغْوِ، فذكرَها اللهُ سبحانَهُ بِوَصْفَيْنِ في الآيتينِ، فقال في إِحداهُما: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]، وكَسْبُ القلب هو قَصْدُه للشيءِ، وعَزْمُهُ عليه، وبهذا أخذَ الشافعيُّ، وجعلَ الكَسْبَ مُفَسِّراً للوَصْفِ الآخَرِ الذي هُو العَقْدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>