للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وإضافةُ الإطعامِ إلى العشرةِ المساكينِ يوجبُ التَّخْصيصَ بهم، والملكَ لهم، ولا يصحُّ العدولُ عنهم.

وبهذا قال الشافعيُّ ومالكٌ (١).

وقال أبو حنيفةَ: إذا دفعَها إلى مسكينٍ واحدٍ في دَفَعاتٍ، جازَ، وجعلَ العددَ المذكورَ للتقدير، لا للتمليك له، وتقديرُ الخطابِ عنده: فإطعامُ طعامِ عشرةِ مساكينَ (٢).

وهذا ضعيفٌ؛ لِما فيه من الإضمارِ والتجويزِ، ولما فيه من حذفِ المفَعول، ولما فيه من تركِ البيان لمنْ تُصرَفُ إليه هذه الصدقةُ، والحقيقةُ خير من المَجازِ، والذكرُ خير من الإضمارِ، والبيانُ خير من الإجْمال، واتباعُ الظاهرِ أَوْلى من التأويلِ.

* ثم بيَّنَ اللهُ سبحانه صِفَةَ هذا الطَّعامِ، فقال: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩]، والوسط يقع على الخيارِ، ويقع على الوَسَطِ بينَ الطَّرَفَيْن، وهو المقصودُ هنا بالاتفاق (٣).

قال ابنُ عَبّاسٍ -رضي الله تعالى عنهما- كان الرجلِ يقوتُ أهله قوتاً فيه سَعَة، وكانَ الرجلُ يقوتُ أهلَه قوتًا وَسَطاً، وقوتاً دُون ذلك (٤)، فالواجبُ


(١) وهو مذهب أحمد. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٥/ ٣٠٥)، و"المغني" لابن قدامة (١٠/ ٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٢٧٨).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ١١٨)، و"الهداية شرح البداية" للمرغيناني (٢/ ٢٢).
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٢١)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٥٧).
(٤) رواه ابن ماجه (٢١١٣)، كتاب: الكفارات، باب: من أوسط ما تطعمون أهليكم، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١١٩٣)، وابن حزم في "المحلى" (٨/ ٧٤)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>