للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه إمَّا بَدلٌ لِلهديِ على قولِ الترتيبِ، أو نظيرٌ لهُ على قولِ التخييرِ، وكلاهُما يوجبُ تقييدَ أحدِهما بتقييدِ الآخر (١).

وبهذا قالَ مالكٌ في إحدى رِوايتيه، وبها صَرَّحَ في "مُوَطَّئِهِ" (٢)، وقالَ في الرواية الأخرى: يُكَفِّرُ بموضعِ الإصابة للصَّيدِ، وهو قولُ (٣) مجاهدٍ (٤).

ومنهم من قال: يطعمُ حيثُ شاءَ؛ كسائرِ الإطعامات؛ فإنه يجوزُ بكلِّ مكاني، وهو قولُ عطاءٍ، ومحمدِ بنِ جَريرٍ الطَّبَرِيِّ (٥).

وقد قدمتُ ما قيل في قوله تعالى: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: ٩٥].

* إذا تَمَّ هذا، فقد بَيَّنَ - صلى الله عليه وسلم - أنه حَرَّمَ المدينةَ كما حَرَّمَ اللهُ مَكَّةَ، فلا يُصادُ صيدُها، ولا يُعضَدُ شَجَرُها (٦).


(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٢٣١).
(٢) لكن في "الموطأ" ما يشير إلى خلاف هذا القول، حيث قال: والذي يُحْكم عليه بالهدي في قتل الصيد أو يجب عليه هدي في غير ذلك، فإن هديه لا يكون إلا بمكة، كما قال الله تبارك وتعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}، وأما ما عدل به الهدي من الصيام أو الصدقة فإن ذلك يكون بغير مكة حيث أحبَّ صاحبه أن يفعله فعله. انظر: "الموطأ" للإمام مالك (١/ ٣٨٧).
(٣) في "ب": "وبه قال".
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ١٤٩)، و"الذخيرة" للقرافي (٣/ ٣٣٤).
(٥) وهو قول الحنفية. انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٥٥ - ٥٦)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ١٤٣).
(٦) وذلك كما في حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها" رواه مسلم (١٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>