للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحكَم عليه فيه: أنه يُقَومُ الصيدُ الذي أصاب، فينْظَرُ كم ثمنُهُ من الطعامِ، فيُطْعِمُ كل مسكينٍ مُدًا، أو يصومُ مكانَ كُلِّ مُدٍّ يوماً (١).

وقال ابنُ القاسِمِ عنه: إن قوّمَ الصيدَ دراهمَ، ثم قَوَّمَها طعامًا، أجزأهُ (٢).

وقولُ مالِكٍ أَلْيقُ بالتخيير، وأَقْوَمُ في المعنى؛ لأنه نظيرٌ لا بديل، ولو كانَ بَدَلاً، لكان ترتيباً.

وقولُ الشافعي أَحْوَطُ؛ إذ قيمة البَدَنَةِ أكثرُ منَ النَّعامةِ، وقيمةُ البقرةِ الإنسيةِ أكثرُ من الوَحشِيةِ، وقيمةُ الشاةِ أكثرُ من الظَّبْيِ.

* وقيد الله الهديَ ببلوغ الكعبة وأطلقَ الطعامَ والصيامَ.

فاتفقَ العلماءُ على إطلاقِ الصَّوم، ولا يختصُ بمكانٍ؛ خلافاً لأبي حنيفةَ، حيثُ خَصَّصَهُ بِمَوْضِعِ الإصابةِ (٣).

واختلفوا في الإطعامِ.

فحملَ الشافعيُّ إطلاقَه على تقييدِ الهديِ؛ بِجامِعِ الكَفارةِ، وانتفاعِ فقراءِ الحَرَمِ به؛ كالذبحِ، فأوجبَ إخراجَه بمكَّةَ، وهو قولُ طاوسٍ (٤)،


(١) انظر: "الموطأ" للإمام مالك (١/ ٣٥٥).
(٢) في "المدونة الكبرى": الصواب من ذلك أن يقوم طعاماً، ولا يقوم دراهم، ولو قوِّم الصيد دراهم ثم اشترى بها طعاماً لرجوت أن يكون واسعاً، ولكن الصواب من ذلك: أن يحكم عليه طعاماً، فإن أراد أن يصوم نظر كم ذلك الطعام من الأمداد، فيصوم مكان كل مد يوماً، وإن زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة. انظر: "المدونة الكبرى" (٢/ ٤٣٤).
(٣) المشهور عن الحنفية الإطلاق كالجمهور. انظر: "المبسوط" للسرخسي (٣/ ٨٢)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٢٠١).
(٤) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>