للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيَفةَ وأهلُ الكوفة: يصومُ لِكُلِّ مُدَّيْنِ يوماً، وهو مقدارُ طعامِ المساكينِ عندهم أيضاً (١).

وعَدَلَهُ ابنُ عَبَّاسٍ أيضاً بالطعام؛ كما عَدَلَهُ اللهُ سبحانه، ولكنه قَدَّرَهُ كما قَدَّرَ الطعامَ، فروي عنه أنه قال: إذا قتلَ المُحْرِمُ ظَبْياً، أو نَحْوَهُ، فعليهِ شاةٌ تُذْبَحُ بمكة، فإن لم يجدْ، فإطعامُ ستةِ مساكينَ، فإن لم يجدْ، فصيامُ ثلاثةِ أيامٍ، فإن قَتل أيلاً، أو نحوَه، فعليهِ بقرة، فإن لم يجدْ، أطعمَ عشرينَ مسكيناً، فإن لم يجدْ فصيامُ عشرينَ يوماً.

وإن قَتلَ نَعامَةً أو حِمارَ وحْشٍ، فعليهِ بدنة، فإن لم يجد، فعليه بَدلُه مِنَ الطَّعامِ ثلاثين مِسْكيناً، فإن لم يجن فصيامُ ثلاثين يوماً (٢).

وقد تبين بِهذا مقدارُ طعامِ المساكينِ.

وأما مقدارُهما:

فقد اتَّفقوا على التقويمِ بالدَّراهِمِ، ثم الدراهم طعاماً، ويُطْعِمُ كلَّ مسكينٍ مُدًّا على قولِ أهل الحجاز، ومُدَّينِ على قولِ أهلِ العراق.

واختلفوا في ماهِيَّةِ المُقَوَّمِ، هل هو الصَّيْدُ المجزى، أو جزاؤهُ من النَّعَمِ؟

فبالثاني قال الشافعيُّ (٣)، وبالأول قالَ مالكٌ.

قال ابنُ وَهْبٍ: قال مالِكٌ: أَحسَنُ ما سَمِعْتُ في الذي يَقْتل الصَّيْدَ،


(١) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٤/ ٨٥)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٢/ ٢٠١)، و"الهداية" للمرغيناني (١/ ١٧٠).
(٢) رواه الطبري في "التفسير" (٧/ ٥١)، وابن أبي حاتم في "التفسير" (٤/ ١٢٠٨).
(٣) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٤/ ٢٩٩)، و"المجموع" للنووي (٧/ ٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>