للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لَمْ تصيدوهُ، أو يُصَدْ لكم" (١)، ولأن كافةَ العلماءِ من الصَّحابةِ والتابعينَ منهم مَنْ تمسَّكَ به في تحريمِ الأكلِ مطلقاً؛ كما روينا عن على وغيرِه.

ومنهم من استدلَّ بالسُّنَّةِ على تَخْصيصه، ولم يقولوا: المرادُ بهِ الاصطيادُ دونَ الأكلِ، وهذا تفسيرُ ابنِ عباس تَرجُمانِ القرآنِ يَشْهدُ بذلكَ في صيدِ البَحرِ الذي عُطِفَ عليه هذا، قال: يريد: ما أصبتَ من داخلِ البَحرِ، ولم يقلْ: يريدُ الإصابةَ.

فإن قلتَ: فما قولُك في قوله تعالى: {غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: ١]، هل المرادُ بهِ الصيدُ، أو الاصطياد؟

قلت: يحتملُ أن يرادَ بهِ الصيدُ؛ استدلالاً بهذه الآية، ويحتملُ أن يُرادَ به الاصطيادُ؛ استدلالاً بالآيةِ التي بعدها: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: ٢].

* وأما صيدُ البحرِ، فإن الله سبحانَه أَحَلَّهُ للمُحْرِم، وأجمعَ عليهِ المُسلمون.

* وأما طعامُ البحرِ.

فقالَ قوم: طعامُه ما طَفا عليه مَيْتاً، قاله أبو بكرٍ وعمرُ وقتَادةُ.

وقال قومٌ: طعامُه ما حَسَرَ عنهُ الماءُ، وأخذه الناسُ.

وقد ذكرتُ أقوالَ العلماءِ في مَيْتة البَحْر فيما سلف (٢)، والصحيحُ تحليلُها مُطْلَقاً (٣)؛ للأحاديث التي ذكرتُها، ولقوله تعالى: {متاعًا لكُمْ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) في "أ": "سبق".
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٩٦)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>