للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سببَ نُزولِ هذه الآيةِ، ثم أذكرُ أقوالَ العلماءِ وتأويلاتِهم، ثم أعقِّب ذلكَ بالقول الحَقِّ -إن شاء الله تعالى-.

رويَ عن ابنِ عباس -رضي الله تعالى عنهما-: أنه قال: أما قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] بَلَغَنا -والله أعلمُ- أَنَّها نزلَتْ في مَوْلًى مِنْ موالي قُريشٍ، ثم لآلِ العاصِ بنِ وائلٍ السَّهْمِيِّ، انطلقَ في تجارةٍ نحوَ الشامِ، ومعه تَميمُ بنُ أوسٍ الداريُّ (١)، وعَدِيُّ بنُ بَداء، وهما نَصْرانِيّانِ يومئذ، فتوفيَ المَوْلى في مسيرهِ، فلما حَضَرَهُ المَوْتُ، كتبَ وَصِيَّتهُ، ثم جعلَها في مالِه ومتاعِه، ثم دفَعَها إليهِما، وقال لهما: أبلغا أَهْلي مالي ومَتاعي، فانطَلَقا لِوَجْهِهِما الذي تَوَجَّها إليه، فَفَتّشَا متاعَ المَوْلى المُتَوَفَّى بعدَ موته، فأخذا ما أعجَبَهما منه، ثم رَجَعا بالمالِ والمتاعِ الذي بقيَ إلى أهل الميتِ، فدفعوه إليهم، فلما فتشَ القومُ المالَ والمتاعَ الذي بقيَ، ففقدوا بعضَ ما خَرَجَ به صاحِبُهم معهُ من عندِهم، فنظروا إلى الوَصِيَّةِ، وهي في المَتاعِ، فوجدوا المالَ والمتاعَ فيهما مُسَمّى، فدعوا تميمًا وصاحبَه، فقالوا لهما: هل باعَ صاحِبنا شيئًا، أو اشْتُرِيَ ممّا كانَ عندَه (٢)؟ فقالا: لا، قالوا: فهل مرضَ فطالَ مرضُه، فأنفقَ منهُ على نفسِه؟ قالا: لا، قالوا: فإنَّا نَفْقِدُ بعضَ الذي مضى بهِ صاحبُنا معه (٣)، قالوا: ما لَنَا بما مَضى بهِ مِنْ علومٍ، ولا بما (٤) كانَ في وَصِيَّتِه، ولكن دفعَ إلينا هذا المالَ والمَتاع، فَبَلَّغْناكُموهُ كما دَفَعَهُ إلينا، فرفعوا أمرَهُم إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذكروا له الأمرَ، فنزلتْ هذه الآية إلى {الْآثِمِينَ} هو، فقاما فَحَلَفا على مِنْبَرِ


(١) "الداري": ليس في "أ".
(٢) في "ب": "مما كان عنده أو اشترى".
(٣) "معه": ليس في "أ".
(٤) "ولا بما": ليس في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>