فيه التبليغُ والنداءُ، وهو قولُ ابنِ عباسٍ في روايةِ أبي صالحٍ.
وقيل: أولُها عاشرُ ذي القِعْدَةِ، وهو موسمُ حَجِّهم على حُكْمِ النَّساءِ، فاستقرَّتْ حِجَّةُ الوداعِ سنةَ عَشْرٍ في مَوْسِمِها.
وقيل: من رابعِ يومٍ يبلُغُهم فيهِ العلم.
وذهبَ قومٌ إلى الجمعِ بالتأويل، فقالوا: المرادُ بالأشْهُرِ الحُرُمِ هنا شهورُ العَهْدِ، وقيل لها: حُرُمٌ؛ لأن اللهَ تَعالى حَرَّمَ على المؤمنينَ فيها دماءَ المُشركين، والتعرُّضَ لهم، ويحكى هذا القولُ عن مُجاهِدٍ وابنِ إسحاقَ، وعَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ (١)، وهو بعيدٌ.
ويمكنُ الجمعُ أيضاً بين آيةِ السيفِ وآيةِ النسخِ وأَثرِ ابنِ عباسِ وأَثَرِ عَلِيٍّ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم- من وجهٍ آخرَ:
وهو أن اللهَ سبحانَهُ أَجَّلَ في آيةِ السيفِ أربعةَ أشهُرٍ لمنْ عاهدَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ونقضَ عهدَه أو لم ينقضْه إذا لم يكنْ عندَ المسجدِ الحَرامِ، فيردُّ إلى الأربعةِ الأشهرِ، وهم المَعْنِيُّونَ بقولِ ابنِ عَبّاسٍ: ومنْ كانَ عهدُهُ فوقَ أربعةِ أشهرٍ، حُطَّ إليها.
ومن لم يكنْ له عهدٌ أصلاً، فأَجَلُهُ انقضاءُ الأشهرِ الحُرُمِ لتحريمِ اللهِ سبحانَه القِتالَ فيها في غيرِ آيةٍ من كتابهِ العزيز.
ومنْ له عهدٌ فوقَ الأربعةِ الأشهرِ، وهو عندَ المسجدِ الحرامِ، وهم خُزاعَةُ وبَنو ضَمْرَةَ، فأجلُه إلى مدَّتِهِ؛ كما قال الله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ}[التوبة: ٤]، ثم قال:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}[التوبة: ٧]، وهمُ المَعْنِيُّونَ بقولِ