للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتقتلونَهُ، أم كيفَ يصنعُ؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدْ أنزلَ اللهُ فيكَ وفي صاحِبَتِكَ"، فأمرَهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمُلاعَنَة بِما سَمَّى اللهُ في كتابِه، فلاعَنَها، ثم قال: يا رسولَ اللهِ! إن حبستُها فقد ظلمتُها، فطلَّقَها ثلاثاً، فكانتْ سُنَّةً لِمَنْ كانَ بعدَهما في المتلاعنين، ثم قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "انظُروا، فإنْ جاءَتْ بهِ أَسْحَمَ أَدْعَجَ العَيْنَينِ عَظيم الإلْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ الساقَيْنِ، فَلا أَحْسَبُ عُوَيْمِراً إلّا قَدْ صَدَقَ عَلَيْها، وإنْ جاءَتْ بهِ أَحْمَرَ كأنهُ وَحَرَةٌ، فلا أَحْسَبُ عُوَيْمِراً إلا قَدْ كَذَبَ عَلَيْها"، فجاءَتْ بهِ على النَّعْتِ الذي نعتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من تصديقِ عويمرٍ، فكان بَعْدُ يُنْسَبُ إلى أمِّهِ (١).

ورويناه فيه أيضاً عنِ ابنِ عَبّاسٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما -: أَنَّ هلالَ بنَ أُمَيَّةَ قذفَ امرأتَهُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَريكِ بنِ سَحْماءَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "البيَّنَةَ أو حَدٌّ في ظَهْرِكَ"، قال: يا رسولَ اللهِ! إذا رأى أحدُنا على امرأتِهِ رَجُلاً ينطلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟! فجعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "البيَّنَةَ وإلاّ حَدٌّ في ظَهْرِكَ"، فقال هلالُ بنُ أميةَ: والذي بعثك بالحَقِّ! إني لصادقٌ، ولَيُنْزِلَنَّ اللهُ ما يُبَرِّئُ ظَهْري منَ الحَدِّ، فنزل جبريلُ، وأنزل اللهُ عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}، فقرأ حتى بلغ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: ٦ - ٩]، فانصرفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأرسلَ إليها، فجاءَ هلالٌ فشهدَ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ اللهَ يعلمُ أَنَّ أَحَدَكُما كاذبٌ، فهلْ منكما (٢) تائِبٌ؟ "، ثم قامت فشهدَتْ، فلما كان عندَ الخامسةِ وَقَفُوها وقالوا: إنها مُوجِبَةٌ، قال ابنُ عباسٍ: فَتَلَكَّأَتْ ونَكَصَتْ حتى ظَنَنَّا أنها ترجعُ، ثم قالَتْ: لا أَفْضَحُ قومي سائرَ اليومِ، فمضت، وقال النبيُّ: - صلى الله عليه وسلم -: "انْظُروها، فإنْ جاءَتْ به أَكحَلَ العَيْنَيْنِ سابغَ


(١) رواه البخاري (٤٤٦٨)، كتاب: التفسير، باب: قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ...}.
(٢) في "أ": "منكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>