للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها اليومَ، وذلكَ أن الناس كانوا لا سُتِرَةَ لهم، ولا حِجابَ، فربما دخلَ عليهِمُ الخدمُ والولدُ وهم في حالِ الجِماع، فأمرَ اللهُ جَل ذِكْرُهُ بالاستئذانِ في هذه الأوقاتِ المذكورةِ، ثم جاءَ اللهُ سبحانه بالسَّتْرِ، وبسطَ الرزقَ، فاتخذَ الناس الأبوابَ والسُّتورَ، فرأى الناس ذلكَ كَفاهم عنِ الاستئذانِ الذي كانوا أمروا به (١).

وكذا قالَ مالك لما سُئِلَ عن الآيةِ.

وفالَ أكثرُهم: حكمُ هذهِ الآيةِ باقٍ لم يُنْسَخْ، ولم يزلْ (٢).

وقال الشعبيُّ: ليستْ هذهِ الآيةُ منسوخةَ، فقيلَ لَهُ: إن الناس لا يعملونَ بها، فقال: اللهُ المُستعانُ (٣).

* فإن قلتم: فالصبي ليسَ منْ أهلِ التكليفِ، فَلِمَ كَلَّفَهُ اللهُ سبحانَهُ الامتناعَ، وألزمَهُ الاستئذان؟

قلنا: التكليفُ والخطابُ مصادمٌ للأولياءِ، لا للصبيانِ والخَدَمِ، فيجبُ على الولي تأديبُ الصبيّ كما بيَّنَهُ اللهُ سبحانهٌ هنا، وبيَّنَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حيثُ قالَ: "مُرُوهُم بالصَّلاةِ لسَبعٍ، واضرِبوهُم على تَركِها لِعَشْرٍ" (٤)، فهو


(١) رواه بنحوه أبو داود (٥١٩٢)، كتاب: الأدب، باب: الاستئذان في العورات الثلاث.
(٢) تقدم نقله عن القاصم وجابر بن زيد والشعبي، انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٢/ ٣٠٣).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٧٦١٤).
(٤) رواه أبو داود (٤٩٥)، كتاب: الصلاة، باب: متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٨٧)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٨٢)، والعقيلي في "الضعفاء" (٤/ ١٧٦)، والدارقطني في "سننه" (١/ ٢٣٠)، والحاكم في "المستدرك" (٧٠٨)، وأبو نعيم في "حية الأولياء" (١٠/ ٢٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٢٨)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"=

<<  <  ج: ص:  >  >>