للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داخلٌ في خطابِ التأديبِ، خارجٌ من خطابِ التكليفِ والتأثيمِ.

ثم بيَنَ اللهُ سبحانَهُ أحكامهم إذا بَلَغُوا الحُلُمَ، وأَنَّهم كالبالغين فيما تقدَّمَ منَ الأحكام.

٢١٤ - (١٤) قوله عَز وجَلَّ: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: ٦٠].

* اتفقَ أهلُ العلمِ بالقرآنِ على إِحكام هذهِ الآيةِ، حتى رُوي عنِ ابنِ عباسٍ أَنَّها ناسخةٌ للآيةِ الأخرى (١)، والذي يقتضيهِ النظرُ أنها غيرُ ناسخةٍ إلا أن يَثْبُتَ بتوقيفٍ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وقد قَدمتُ كيفيةَ الجَمع بينهما، وأن حكمَ هذه مختصٌّ بالقواعِد، مُخْتَصٌّ بحالةِ الاختيارِ، وأن تلكَ الآيةَ مختصَّةٌ بالشوابِّ، مختصَّةٌ بحالةِ الحاجةِ والاضْطِرار.

وكذا ما رَوَتْهُ عائشةُ -رضيَ اللهُ تَعالى عنها-: أَنَّ أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ دخلَتْ على النبى - صلى الله عليه وسلم -، وعليها ثيابٌ رِقاقٌ، فأعرضَ عنها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "يا أَسْمُاء! إنَّ المرأةَ إذا بلغَتِ المَحيضَ لَمْ يَصلُح أَنْ يُرَى مِنْها إلَّا هذا وهذا"، وأشارَ إلى وجهِهِ وكَفيْه (٢)، مختصّ بحالةِ الحاجةِ إلى رُؤْيتها.


= (٢/ ٢٧٨)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص.
(١) أي: قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا ...} و {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْن ...}، انظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٧٨).
(٢) رواه أبو داود (٤١٠٤)، كتاب: اللباس، باب: فيما تبدي المرأة من زينتها، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (٣/ ٣٧٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٢٦)، وفي "شعب الإيمان" (٧٧٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>