فإنْ قلتَ: فهل نجدُ دليلاً على التفرقِة بينَ الشابَّة والعَجوزِ مُوافِقاً لهذهِ الآيةِ من كتابٍ أو سنَّةٍ؟
قلتُ: نعم: أما دلالةُ الكتابِ، فإن الله سبحانَهُ لَمَّا أَحَل للنساءِ الشواب أن يُبْدِيْنَ زينتهُنَّ لغيرِ ذَوي الإِرْبَةِ منَ الرجال؛ كالشيخِ المُسِن، والمَعتوهِ، والمُغَفَّلِ الذي قعدَ عن النكاحِ وَيئسَ منه، فكذلكَ العجوزُ مثلُ الشيوخِ في العَكْس، كما ذكرَ اللهُ سبحانه حُكْمَهُ هنا.
وأما دلالةُ السنَّةِ، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما أمرَ فاطمةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تعتدَّ عندَ أُمَّ شَريكٍ، وكانَتْ من القَواعِدِ، قالَ لها:"تلْكَ امرأةٌ يَغْشاها أَصحابي"، فأمرَها أن تعتدَّ عندَ ابنِ أُمّ مكتومٍ (١)، ففرَّقَ بينَ العَجوزِ والشابةِ، ولم يجعلْ عليها جُناحاً في غِشْيانِ أصحابِه إيّاها، ولو كانَتْ شابَّهً كفاطِمَةَ، لَمَا غَشِيَها أصحابُه، واللهُ أعلمُ.