للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنه كانَ أولَ من جَمَّعَ بنا في هَدْمٍ من حَرَّةِ بَني بياضَةَ يقالُ له: نقيع الخَضَمات، قال: قلت: كم كنتم يومئذٍ؟ قال: أربعون رجلًا (١).

فإن قيلَ: هذا يعارضُه ما قالَ الزهريُّ: كانَ مُصْعَبٌ بن عمير (٢) أولَ من جَمَّعَ الجمعةَ بالمدينةِ للمسلمينَ قبل أن يقدمَها رسولُ اللهِ -صَلَّى الله عليه وسلم -، وأنه جَمَّعَ بهم وهم اثنا عَشَرَ رجلًا (٣).

قلنا: لا يعارضُه، فقولُ عبدِ الرِحمنِ مُتَّصِل، وقولُ الزهريِّ منقطعٌ، كيفَ والجمع بينهما ممكنٌ؟ وذلكَ أن النقباءَ الذين بايعوا رسولَ اللهِ -صَلَّى الله عليه وسلم - البيعةَ الأولى كانوا اثني عَشَرَ نقيباً، منهم أسعدُ بنُ زُرارةَ، فطلبوا من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يبعثَ إليهم رجلًا من أصحابِه يُعَلِّمُهم القرآنَ، ويُفَقِّهُهم في الإسلام، ويَؤُمُّهم في صلاتِهم، فبعثَ إليهم مُصْعَباً، فالزهريُّ أضافَ التجميعَ إلى مُصْعَبٍ بمعونةِ النقباءِ، وكعب بنُ مالكٍ أضافَ التجميعَ إلى أسعدَ؛ لنزول مصعب عندَهُ أولاً، ولخروجِه إلى دُورِ الأنصارِ يدعوهم إلى الإسلام، فالزهري (٤) يريد عددَ النقباءِ الذين كانوا له ظَهْراً، وكعبٌ يريدُ عددَ مَنْ صَلَّى معه مِمَّنْ أسلمَ من أهلِ المدينة مع النقباء (٥).


(١) رواه أبو داود (١٠٦٩)، كتاب: الصَّلاة، باب: الجمعة في القرى، وابن ماجه (١٠٨٢) كتاب: إقامة الصَّلاة، باب: في فرض الجمعة، وابن حبان في "صحيحه" (٧٠١٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٩٠٠)، والدارقطني في "سننه" (٢/ ٥)، والحاكم في "المستدرك" (٤٨٥٨)، وابن الجارود في "المنتقى" (٢٩١)، والبيهقيّ في "السنن الكبرى" (٣/ ١٧٦).
(٢) "بن عمير" ليس في "أ".
(٣) رواه أبو عوانة في "مسنده" (٦٩٦٤)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ١٠٧).
(٤) في جميع المواضع هنا في "ب": "الزبيري" بدل "الزُّهريّ".
(٥) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (٢/ ٤٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>