للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُطْرِبَةِ في الخَمْر، فيلحقُ بها سائرُ الأَنْبِذَةِ.

ومنها: أن تكونَ العينُ التي وقع الحكم فيها تحتملُ معانيَ، فيدلُّ الدليلُ على بُطْلانِ تلكَ المعاني، إلا واحدًا (١)، فيغلبُ على الظَّنِّ أنه عِلَّةُ الحُكْم، وذلكَ كما يقولُ الشافعيُّ للحنفيِّ: الخُبْزُ يحرم فيه الربا، فلا يخلو إما أن يكون للكيل أو للوزنِ أو للطُّعْمِ، وباطلٌ أن يكونَ للكيلِ؛ لأنه غيرُ مَكيلٍ، وباطلٌ أن يكونَ للوزنِ؛ لأنه لو كان للوزن لما جاز إسلام الدراهمِ في الموزونات (٢)، فعلمنا أنه للطُّعم.


(١) وهذا -أيضًا- مسلك من مسالك العلة، ويسميه علماء الأصول: السَّبْر والتقسيم، وهو حصر الأوصاف المحتملة للتعليل، ثم إبطال ما لا يصلح منها، وإبقاء ما يصلح منها للتعليل.
فإن كان السبر والإبطال قطعيًا، فالتعليل بالوصف الباقي قطعي، والحكم المعلق به قطعي، وإن كان ذلك ظنيًا، فقد اختلف العلماء فيه على أقوال:
الأول: ليس حجة مطلقًا، لا في القطعيات ولا في الظنيات، وهو قول بعض الأصوليين.
الثاني: حجة في العمليات فقط؛ لأنه يفيد الظن لا القطع، وهو قول الأكثرين.
الثالث: أنه حجة للمجتهد دون غيره، وهو اختيار الآمدي.
انظر: "اللمع" للشيرازي (ص: ٢٣٠)، و"البرهان" للجويني (٢/ ٨١٦)، و"المحصول" للرازي (٥/ ٢١٧)، و"الإحكام" للآمدي (٢/ ٣/ ٢٨٩)، و"البحر المحيط" للزركشي (٥/ ٢٢٢)، و"الاستعداد لرتبة الاجتهاد" للمؤلف (٢/ ١٠٣٨)، و"إرشاد الفحول" للشوكاني (ص: ٢١٣).
(٢) المراد بالإسلام هنا: هو عقد السَّلَم؛ وهو بيع موصوف في الذمة ببدل عاجل، يدفع في مجلس العقد.
والمراد من قول المصنف: أنه لو كانت العلة هي الوزن، لما جاز السلم في الدراهم -مثلاً- مع الحديد والنحاس مما يوزن؛ لأنه يشترط حينئذٍ التقابض في المجلس، والسلم فيه تأجيل أحد البدلين، وهذا لا يصح؛ لوجود الربا بالتأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>