للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنزلَ اللهُ تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: ١٤٢]، وأنزلَ (١): {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥].

وفي هذا ضَعْفٌ؛ لأن الناسخَ للصّلاة إلى بَيْتِ المقدسِ إنما هو قولُه عزَّ وجَلَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، فإذا جاء بعده نصٌّ أو ظاهرٌ على وفقه، لا يكونُ ناسِخًا، وإنما يكون مبيِّنًا ومؤكِّدًا.

وجملة هذه الأقاويل سبعةٌ (٢)، وما ثبت أنه السببُ في نزولها، تعيَّن حَمْلُها عليه، ولا حاجةَ إلى التأويلِ مع وجودِه، ولا يجوزُ القول بالنَّسْخِ حينئذ مع ثبوت السببِ المخصِّصِ للآية لبعض الأحوال، والله أعلم.

٢ - (٢) قوله- عزَّ وجلَّ-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ


(١) "وأنزل" ليست في "ب".
(٢) قلتُ: خلاصتها:
١ - أنها نزلت في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قِبَل بيت المقدس، ثم عاد وصلى إلى الكعبة، فاعترضت عليه اليهودُ، فأنزلها الله -تعالى- كرامةً له.
٢ - أنها نزلت في تخيير النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ليصلوا حيث شاؤوا من النواحي.
٣ - أنها نزلت في صلاة التطوع، يتوجه المصلي في السفر إلى حيث شاء فيها راكبًا.
٤ - أنها نزلت فيمن صلى الفريضة إلى غير القبلة في ليلة مظلمة.
٥ - أنها نزلت في النجاشي، آمن ولم يصلِّ إلى القبلة.
٦ - أنها نزلت في الدعاء، يتوجه الداعي حيث شاء.
٧ - أن معناها: أينما كنتم من مشرقٍ ومغربٍ فلكم قبلة واحدة تستقبلونها. وانظر - أيضًا-: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٥٢).
وقد أوصلها القرطبي في "تفسيره" (١/ ١/ ٧٦) إلى عشرة أقوال.

<<  <  ج: ص:  >  >>