للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* - وقد اتفقَ المسلمون على أن الواجبَ على من كان معاينًا للكعبةِ إصابةُ عينِها.

* واختلفوا فيمن كانَ غائبًا عنها.

فقال قومٌ (١): الواجب إصابة عينها في ظَنِّ المصلي.

وقال قومٌ (٢): الواجب استقبالُ الجهةِ التي فيها المسجدُ، وجعلوا التولِّيَ المأمورَ بهِ مشترَكًا بين اليقينِ والتخمين.

والقولُ الأولُ أصحُّ قَولَي الشافعيِّ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-، وأنا (٣) أختارُه؛ لظاهرِ الخِطابِ المفسّر بتفسيرِ الصَّحابَةِ -رضيَ اللهُ عنهم-، ويحملُ اللفظُ على حقيقتهِ وسلامَتهِ من الاشتراكِ والحذفِ والإضْمار، وعدمُهما خيرٌ منهما (٤)، ولقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَمَرْتُكُمْ بأَمْرٍ فَأْتوا منُه ما اسْتَطَعْتُم" (٥)، وإصابةُ عيِنها في ظَنِّ المُصَلّي داخلٌ في الاستطاعَةِ منْ غيرِ مشقةٍ ولا حَرَج. وما روي عنهُ - صلى الله عليه وسلم -: "البَيْتُ قِبْلَةٌ لأهْلِ المَسْجِدِ، والمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الحَرَمِ،


(١) هم الشافعية؛ انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (٣/ ٢٠٢ - ٢٠٣) و"الإقناع" للشربيني (١/ ١٧٠).
(٢) هم الحنفية والمالكية، والحنابلة؛ انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٢/ ٩٧)، و"الذخيرة" للقرافي (٢/ ١١٧)، و"الكافي" لابن قدامة (١/ ١٤٣).
(٣) في "ب": "وإيّاه".
(٤) فإن الأصل عدم المجاز والاشتراك والحذف والإضمار، فإذا تردد الكلام بين الحقيقة والمجاز، قدمت الحقيقة، أو بين النصوصية والاشتراك قدمت النصوصية، أو بين الذكر والحذف قدِّم الذكر، أو بين الإظهار والإضمار قدِّم الإظهار.
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>