للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَرَمُ قبلةٌ لأَهْلِ الأَرْضِ" (١)، فَضعيفٌ لا يُحْتَجُّ به.

* فإن قلتُمْ: فَبَيِّنْ لنا صفةَ الاستقبالِ للمسجدِ الحرام، فإنّ المصلِّيَ لا يخلو إمّا:

أن يستقبلَ بجميعِ بدنِهِ جميع (٢) ساحَةَ البيتِ التي هي قِبَلَ وَجْهِهِ.

أو يستقبلَ بجميعِ بدنهِ بَعْضَ ساحةِ البيتِ، كما إذا صَلَّى داخلَ البيتِ.

أو يستقبلَ ببعضِ بدنِه جميعَ ساحةِ البيتِ التي تُحاذيه.

قلنا:

أما الصورةُ الأولى، فمتفَقٌ عليها؛ لوقوعِ اسمِ الاستقبالِ على مُسَمَّى البيتِ.

وأما الصورةُ الثانيةُ، فمختلَفٌ فيها بينَ أهلِ العلمِ:

فمنهم مَنْ منعَ الصَّلاةَ داخلَ البيتِ (٣)، واستقبالَ بعضِ ساحتِه؛ لظهورِ الأمرِ باستقبالِ جميعِه، واحتجَّ بحديثِ ابنِ عباسٍ - رضي اللهُ تعالى عنهما- قال: لما دخلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - البيتَ، دعا في نواحيهِ كُلِّها، ولم يُصَلِّ حتى خرجَ، فلما خرجَ ركعَ ركعتين قِبَلَ الكعبةِ، قال: "هذهِ القِبْلَةُ" (٤).

ومنهم من جَوَّزَ الصلاةَ مُطْلَقًا (٥)، واحتجَّ بحديثِ ابنِ عمرَ -رضيَ اللهُ


(١) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٩) عن ابن عباس.
(٢) "جميع" ليست في "أ".
(٣) قال به ابن جرير، وأصبغ المالكي، وجماعة من الظاهرية، وحكي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٥/ ٣١٩)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (٣/ ١٩٦).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) أي: سواء كانت فرضًا أو نفلًا، وهو قول الحنفية والشافعية. =

<<  <  ج: ص:  >  >>