للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما-: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دخَلَ الكعبةَ، فأقبلَ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خرجَ، قالَ: فسألتُ بِلالًا، قلتُ: أصلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الكعبةِ؟ قالَ: نعم، رَكْعتينِ بين الساريتينِ اللتينِ على يساركَ إذا دخلْتَ، ثم خرجَ فصلَّى في وجهِ الكعبةِ ركعتينِ (١).

وحملَ هؤلاءِ الاستقبالَ على غيرِ الأَظْهَرِ منَ المعنيين (٢)؛ لبيانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقدَّموه على حديثِ ابنِ عباس؛ لكونه مُثْبِتًا، والمُثْبِتُ أولى من النَّافي.

ومنهم منْ فَرَّقَ، فجوَّزَ النفلَ، ومنعَ الفَرْضَ (٣)، فحملَ حديثَ ابنِ عَبّاسٍ على الفرضِ، وحديثَ ابنِ عُمَرَ على النَّفْل.

وفي هذا المذهبِ ضَعْفٌ؛ فإنَّ الصلاةَ التي رواها ابنُ عَبّاسٍ نَفْلٌ أيضًا. وهو وإنْ (٤) كانَ الجمعُ بينهما يمكنُ بهذهِ الطريقِ؛ فإنه إذا جازَ النفلُ


= انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ١٥٦)، و"مغني المحتاج" للشربيني (١/ ٣٣٥).
(١) رواه البخاري (٣٨٨)، كتاب: القبلة، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.
(٢) قلت: لأن الأظهر في معنى الاستقبال: أن يستقبل عين الكعبة، ويجعلها قبالة وجهه، أما في حالة الصلاة في جوف الكعبة: فإنه لم يجعلها قِبلَ وجهه، وإنما هو في جوفها، وذلك لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بيَّن معنى الاستقبال، فصلى خارجها وفي جوفها؛ ليبين أن استقبال جزء منها ولو في داخلها كافٍ، والله أعلم.
(٣) وهو مذهب المالكية والحنابلة؛ انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٥/ ٣١٨)، و"الذخيرة" للقرافي (٢/ ١١٤)، و "الروض المربع شرح زاد المستقنع" للبهوتي (ص: ٦٣).
(٤) في "أ ": "وإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>