للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأنصارِ، كانوا يُهِلُّونَ لِمَناةَ، وكانَتْ مَناةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وكانوا يتحرَّجون بأن يطوفوا بينَ الصفا والمروةِ، فلما جاءَ الإسلامُ، سألوا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل اللهُ -عز وجل-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (١) [البقرة: ١٥٨].

ولأنَّ الأصلَ في أفعالِه - صلى الله عليه وسلم - في هذه العبادة الوجوبُ، إلا ما أخرجَهُ الدليلُ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عَنِّي مَناسِكَكُمْ" (٢).

وأما قِراءة ابنِ مسعودٍ، فيُجاب عنها: بأنها قراءة شاذة مخالفة للمُصحفِ، ولا يقومُ بمثلها حُجَّةٌ (٣)، وسيأتي الكلام على مثلهِا في "سورةِ النِّساءِ" إن شاءَ اللهُ تعالى.

ويجاب أيضًا بأن (لا) زائدة كما (٤) في قوله تعالى: {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: ١٢]، وكقول أبي النجم: [من بحر الرجز]

وما ألوم البيضَ ألاَّ تَسْخَرا (٥)


(١) رواه البخاري (١٦٩٨)، كتاب: العمرة، باب: يفعل في العمرة ما يفعل في الحج.
(٢) رواه مسلم (١٢٩٧)، كتاب: الحج، باب: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٥/ ١٢٥)، عن جابر بن عبد الله، واللفظ للبيهقي، ولفظ مسلم: "لتأخذوا مناسككم ... ".
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ١٧٠).
(٤) "كما" ليست في "أ".
انظر الرد على هذا الجواب: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٧١).
(٥) البيت في "العمدة" لابن رشيق (٢/ ٢٦٣)، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ٢٦)، و"تفسير الطبري" (١/ ٦٢)، و"الخصائص" لابن جني (٢/ ٢٨٣)، و"لسان العرب" (٦/ ٤٢٥). وبعده:
لما رأين الشَّمَط القَفَنْدَرا
والشمط: هو بياض الشعر يخالطه سواد، والقفندر: القبيح المنْظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>