للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ومنهم من أبقاهُ على إطلاقه وعمومه، ورأى أن مفهوم الخطاب لا يقاوِمُ العمومَ (١)، وسيأتي الكلامُ على هذا في "سورة المائدة" إن شاء الله تعالى.

* ثم بينَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن اللهَ لم يُرِدْ جميعَ الميتةِ، فقال: "أُحِلَّتْ لنا مَيْتَتانِ ودَمانِ، المَيْتَتانِ: الحوتُ والجَرادُ، والدَّمانِ: الكَبِدُ والطِّحالُ" (٢) وقال -وقد سُئلَ عن ماءِ البحرِ فقال-: "هو الطهورُ ماؤُهُ الحِلُّ مَيْتَتُهُ" (٣).

وإلى التخصيصِ ذهبَ عامةُ أهلِ العلمِ، وإن (٤) اختلفوا في تفصيله:

وذهبَ أبو حنيفةَ إلى تحريم الميتةِ مطلقًا (٥)، عملًا بالقياس المقصود


= (١/ ١٥١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٠٩)، و"تفسير ابن كثير (٢/ ٤٧٨).
قال ابن رشد: فمن ردَّ المطلق إلى المقيد، اشترط في التحريم السفح، ومن رأى أن الإطلاق يقتضي حكما زائدًا على التقييد، وأن معارضة المقيد للمطلق إنما هو من باب دليل الخطاب، والمطلق عام، والعام أقوى من دليل الخطاب، قضى بالمطلق على المقيد، وقال: يحرم قليل الدم وكثيره. انظر: "بداية المجتهد" (٢/ ٩٠٤).
(٢) رواه ابن ماجه (٣٣١٤)، كتاب: الأطعمة، باب: الكبد والطحال، والإمام الشافعي في "مسنده" (١/ ٣٤٠)، والإمام أحمد في "مسنده" (٢/ ٩٧)، وعبد بن حميد في "مسنده" (١/ ٢٦٠)، والدارقطني في "سننه" (٤/ ٢٧١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢٥٤)، عن عبد الله بن عمر.
(٣) رواه أبو داود (٨٣)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر، والنسائي (٥٩)، كتاب: الطهارة، باب: ماء البحر، والترمذي (٦٩)، كتاب: أبواب الطهارة، باب: ما جاء في ماء البحر أنه طهور، وابن ماجه (٣٨٦)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء بماء البحر، عن أبي هريرة.
(٤) "وإن" ليست في "أ".
(٥) قلت: هذا الإطلاق عن الحنفية غير سديد؛ لأن الحنفية إنما يحرمون السمك =

<<  <  ج: ص:  >  >>