للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (١) [الأعراف: ١٥٧].

ثانيها: يجوز لقائل أن يقولَ: إن الله -سبحانه- لم يُرِدِ الحصرَ في كتابه العزيز، وإنما قصدَ التعظيمَ والتفخيمَ لتحريمِ هذه الأعيانِ، والمبالغة في الزَّجْرِ عنها، وهذا معروف في لسان العرب؛ كما نقول: إن الجواد حاتمٌ، ولا سيف إلا ذو الفقار، وأنتَ لا تريدُ نفيَ ذلك عن غيرهما، وإنما تريد تفخيمَ أمرِهما، وتعظيمَ شأنهما.

ثالثها: أن يُقالَ: إنما قصدَ اللهُ -سبحانه- الردَّ على المشركين، وذلك أنهم كانوا يحللون هذه الأشياء، ويحرمون غيرها؛ مثل البَحيرةِ (٢) والسائبةِ (٣) وغيرِهما، فرد عليهم فقالَ: قُلْ يا محمد (٤): لا أجدُ فيما أُوحيَ إلىَّ مُحَرَّمًا إلَّا كذا أو كذا (٥)، فلا حرامَ فيما أوحي إليَّ إلا


(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٢/ ٢٤١)، و"أحكام القرآن" للكياالهراسي (٢/ ٨٨).
(٢) البحيرة: البحرُ هو شقُّ الأذن، والبحيرةُ: هي الناقة أو الشاة المشقوقة الأذن، وقد كان الجاهليون إذا نتجت الناقة أو الشاةُ عشرة أبطن بحروها، وتركوها ترعى، وحرَّموا لحمها إذا ماتت على نسائهم، وأكلها الرجال أو التي خُليت بلا راع، أو التي إذا أنتجت خمسة أبطن والخامس ذكرٌ نحروه، فأكله الرجال والنساء وإذا كانت أنثى نحروا أذنها، فكان حرامًا عليهم لحمها ولبنها وركوبها، فإذا ماتت حلت للنساء، أو هي ابنة السائبة وحكمها حكم أمها.
انظر: "القاموس" (مادة: بحر) (ص: ٣١٢).
(٣) السائبة: هي المهملة، وكانت الناقة تُسيَّب في الجاهلية لنذر أو نحوه، أو كانت إذا ولدت عشرة أبطن كلهنَّ إناث سُيبتْ. انظر: "القاموس" (مادة: سيب) (ص: ٩٢).
(٤) في "ب" زيادة "قل".
(٥) "كذا" ليست في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>