للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما حَلَّلْتموهُ، ولا حلالَ إلا ما حَرَّمْتُموه (١).

وهذا أرجحُ المعاني وأقربُها.

ويدلُّ عليهِ أنَّ الله -جلَّ جلالُه- ذكرَ هذهِ الأعيانَ المذكورةَ في مواضِعَ أُخَرَ من كتابه بِمِثْل ما ذكره هنا، فقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١١٥].

ثم قال عقبه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} [النحل: ١١٦]، الآية.

ويدلُّ عليه -أيضًا- أن الآيةَ من "سورةِ الأنعام"، وهي مكيةٌ نزلت قبل تشريع الأحكام (٢).

فإن قلتَ: قد عرفتُ وجهَ الجمع، فهل تجدُ دليلًا في الكتابِ على ما ادَّعَيتَ من عدمِ الحصرِ؟

قلتُ: نعم، ذكر الله -تعالى- هذهِ الأعيانَ في "سورةِ المائدةِ"، وزاد عليها: المنخنقةَ، والموقوذةَ (٣)، والمتردِّيَةَ، والنطيحةَ، وما أكلَ السَّبُعُ (٤)، فلو كانتْ آيةُ البقرةِ للحصرِ، لعارضَتها هذه، ووجبَ نسخُ


(١) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٢٩٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٤/ ١٠٤)، و"فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٨٢٠).
(٢) وذلك في قول أكثر أهل العلم. انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٤/ ١٠٥)، و"فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٨٢٠)، و"الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي (١/ ٣٨).
(٣) الموقوذة: هي الشاةُ التي قُتلت ضربًا بالخشب. انظر: "القاموس" (مادة: وقذ) (ص:٣٠٧)
(٤) في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ...} [المائدة: ٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>