للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: لولا أني سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ: "لا يُقادُ الأَبُ مِنِ ابنِه"، لقتلتُه، هَلُمَّ ديتَةُ، فأتاه بها، فدفعها إلى ورثته، وترك أباه (١).

وروي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تقامُ الحدودُ في المساجدِ، ولا يقادُ بالولدِ الوالِدُ" (٢). ولأنَّ الأبَ سببٌ لوجودِ الابنِ، فلا يكونُ الابنُ سبباً لعدمه.

وإلى هذا ذهب أبو حنيفةَ والشافعيُّ وأحمدُ وإسحاقُ (٣)، وهو المختارُ عندي.

وذهب مالكٌ إلى أنَّ الأبَ يُقادُ بابنه إذا قتلَهُ متعمِّداً لا شُبْهَة له في دعوى الخطأ؛ كما إذا أضجعه وذبحه، وأما إذا رماه بالسلاح أدباً أو غيظاً، فماتَ، فلا يُقتل، ويكونُ شبهةً للأب (٤)، بخلافِ الأجنبيِّ؛ فإنه يقتل بمثل


(١) رواه ابن الجارود في "المنتقى" (٧٨٨)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ١٤٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣٨).
(٢) رواه الترمذي (١٤٠١)، كتاب: الديات، باب: ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا؟، وابن ماجه (٢٥٩٩)، كتاب: الحدود، باب: النهي عن إقامة الحدود في المساجد، والدارمي في "سننه" (٢٣٥٧)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٨٤٦)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ١٤١)، والحاكم في "المستدرك" (٨١٠٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٣٩)، عن ابن عباس.
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٧٨)، و"رد المحتار" لابن عابدين (١٠/ ١٣٣)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ٢٤٢)، و"المغني" لابن قدامة (١١/ ٤٨٣).
(٤) الأصل في مذهب مالك: أن الأب لا يقتل بابنه؛ لأن شفقة الأب شبهة شاهدة بعدم قصد القتل، فإن فعل ما لا شبهة معه؛ كشق جوفه أو ذبحه أو وضع أصبعه في عينه فأخرجها، فالواجب هو القصاص.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٩٤)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ٢١٧)، و"الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٣٣٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>