للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ولما واجهَ اللهُ -جَلَّ جَلالُه- بالخطاب المؤمنين، وقالَ: يا أيهُّا الذين آمنوا! ولم يقلْ: يا أيها الناس! يا بني آدم! استدلَلْنا به على اخْتِصاصِ القِصاصِ بالمُؤْمنين، وأنه لا يُقْتَلُ مؤمنٌ بكافرٍ، وتأيد الاستدلالُ عندنا بقولِه تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: ١٧٨] ولا أُخُوَّةَ بينَ المؤمنينَ والكافرينَ. ثم وجدْنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بيَّن ذلكَ عن اللهِ سبحانه؛ كما أشار إليه.

روينا في "صحيح البخاري" عن أبي جُحَيْفَةَ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه- قالَ: سألتُ علياً -رضي الله تعالى عنه-: هل عندَكُم من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شيء سوى القرآن؟ قالَ: لا، والذي فلقَ الحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ إلَّا أَنْ يؤتيَ اللهُ عبداً فَهْماً في القرآن، وما في الصَّحيفةِ. فقلت: وما في الصحيفة؟، قالَ: العقلُ، وفِكاكُ الأسيرِ، ولا يقتلُ مؤمنٌ بكافر (١).

وذهبَ قومٌ من الكوفيين إلى أن المسلمَ يُقتل بالذِّمِّيِّ، واحتجوا بأحاديثَ ضعيفةٍ منقطعةٍ لا تثبتُ بمثلها حُجَّةٌ في سفكِ دم رجلٍ مؤمنٍ، ولولا طلبي للاختصار، لذكرتها وبينت عن الحفاظ ضَعْفَها (٢).

* ثم بيَّنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن اللهَ -سبحانَهُ- أرادَ قتلَ الحُرِّ بالحُرِّ ما لم يكنِ القاتلُ والداً للمقتول، فثبت عن عمرَ بنِ الخطابِ -رضي الله تعالى عنه- أنهُ


(١) رواه البخاري (٢٨٨٢)، كتاب: الجهاد، باب: فكاك الأسير.
(٢) ذهب جماهير أهل العلم إلى أنه لا يقتل مسلم بكافر مطلقاً، وخالف في ذلك الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه.
انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢٠٧)، و "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٧٣)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٩٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٣١)، و "رد المحتار" لابن عابدين (١٠/ ١٣٢)، و "الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٣٣٢)، و"روضة الطالبين" للنووي (٩/ ١٥٠)، و"المغني" لابن قدامة (١١/ ٤٦٥)، و "فتح الباري" لابن حجر (١٢/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>