للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمائهم فقالَ: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: ١٧٩]، وقد اسْتَنْبَطْنا من هذا أنَّ الجماعةَ يُقتلون بالواحِد؛ كما فعلَ عمرُ -رضيَ اللهُ تعالى عنه (١) - فإنَّهُمْ لو لم يُقتلوا به، لم يحصل لنا حياة، وكان التعاون والاشتراك ذريعةً إلى سقوط القِصاص، ووقوعِ الفَسادِ في الأرض (٢).

والعَجَبُ من الإمامِ أحمَدَ حيث تعلَّقَ بشبهةِ المساواةِ في القِصاص، وغَفَلَ عن وَجْهِ الحكمةِ (٣)، معَ فعلِ عمرَ بمحضرٍ من الصحابة -رضيَ اللهُ تعالى عنهم-، ولم يخالفهُ منهمْ أحدٌ علمناهُ.

* * *


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٨٧١)، وعبد الرزاق في "المصنف" (١٨٠٧٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٧٦٩٣)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ٢٠٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٤١): أن عمر -رضي الله عنه- قتل سبعة من أهل صنعاء اشتركوا في دم غُلامٍ، وقال: "لو تَمَالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً".
(٢) وهو مذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة. انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٦/ ٢٨٠)، و"الذخيرة" للقرافي (٩/ ١٥٩)، و"الإنصاف" للمرداوي (٩/ ٤٥٨)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٩٥)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٨٠).
(٣) حكي ذلك عن الإمام أحمد في رواية، والرواية المعتمدة وعليها الأصحاب كقول الجمهور، وقد حكاه ابن المنذر عن معاذ، وابن الزبير، وعبد الملك بن مروان، والزهري، وابن سيرين، وحبيب بن أبي ثابت. وهو مذهب داود الظاهري. انظر: "المغني" لابن قدامة (١١/ ٤٩٥)، و"الذخيرة" للقرافي (١٢/ ٣١٩)، و"الإنصاف" للمرداوي (٩/ ٤٥٨)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>