للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أوصى الله -تعالى- لهم، ولا ينقص من أَنْصِبائهم، بالمعروفِ: بالعدلِ. وهذا -أيضاً- بعيدٌ جداً (١).

وحكي عن الشعبيِّ والنخعيِّ أنَّ الوصيةَ للوالدينِ والأقربينَ في هذه الآية على الندب لا على الفرض، فنسخت السنَّةُ جوازَ الوصيةِ للوالدين، وبقيتِ الوصيةُ للأقربينَ على الندبِ (٢). وهو بعيد جداً (٣)؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ} [البقرة: ١٧٨]. ولقوله تعالى: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠]، إلا أن يريدَ أنها صارَتْ على الندبِ بعدَ أَنْ نُسِخَ وُجوبها، ثُمَّ نسخت السنةُ جوازَ الوصية، فهذا معنى قولِ أكثرِ العلماء الذي سأحكيهِ، إن شاء الله تعالى.

وإنما حكيت هذه الأقوال مع ضعفها؛ لئلاً يُغْتَرَّ بها.

- وقال أكثرُ أهلِ العلمِ أو عامَّتُهم: هي منسوخةٌ، وهو الحق (٤).


(١) هذا التأويل مبني على قول أبي مسلم الأصفهاني، قال الرازي -رحمه الله- في "تفسيره" (٣/ ٦٧): وتقرير قوله -أي: أبي مسلم- من وجوه:
أحدها: أن هذه الآية ما هي مخالفة لآية المواريث، ومعناها: كتب عليكم ما أوصى به الله تعالى من توريث الوالدين والأقربين من قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، أو كتب على المحتضر أن يوصي للوالدين والأقربين بتوفير ما أوصى به الله لهم عليهم، وأن لا ينقص من أنصبائهم.
ثانيها: أنه لا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء مع ثبوت الوصية بالميراث، عطية من الله تعالى، والوصية عطية ممن حضره الموت، فالوارث جمع له بين الوصية والميراث بحكم الآيتين، انتهى.
قلت: وبهذا يتبين أن القول الأول داخل في هذا القول وراجع إليه، والله أعلم.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١٢٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٤٦)، و"فتح القدير" للشوكاني (١/ ٢٠٥).
(٣) "جداً" ليس في "أ".
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١١٨)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢١١)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٠٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي =

<<  <  ج: ص:  >  >>