للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثم اختلفوا في الناسخِ لها.

فقال أكثرُهم: كانت الوصيةُ واجبةً في صدر الإسلام، ثم نسختها آية المواريث. روي ذلكَ عن ابنِ عباسٍ وابنِ عمرَ رضي الله تعالى عنهم (١).

واستشكل هذا قومٌ فقالوا: الفرضُ في آيةِ المواريثِ مطلَقٌ، لم يقل اللهُ سبحانه: لا شيءَ لوالديه إلا كذا أو كذا فرضاً من بعدِ وصيَّةٍ، فقدْ كانَ يجوزُ أن يثبت لهمُ الفرضُ المذكور من بعدِ ما يوصى لهُم بنصِّ القرآن المتصل بفريضة الميراث.

ولأجل هذا الإشكال، قال قومٌ (٢): هي منسوخة بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الوداع: "إن اللهَ قَدْ أَعْطَى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّهُ، فلا وَصِيَّةَ لِوارِثٍ" (٣). وقالوا: هذه سنَّةٌ تلقَّتْها الأمةُ بالقبول، فجاز نسخُ القرآن بها، وهؤلاء هم القائلونَ بجوازِ نسخِ السُّنَّةِ للقرآن.

وهذا الاستشكالُ باطلٌ، والنظرُ إليه غَفْلَةٌ. فقدِ اتفقَ المُفَسِّرونَ وغيرُهم


= (١/ ٢/ ٢٤٥)، و"تفسر ابن كثير" (١/ ٣٧٣).
(١) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢١١)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٤٥)، و"تفسير الرازي" (٣/ ٦٧)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٣٧٣).
(٢) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٤٥) وقد صحح القرطبي هذا القول، وانظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢٠٥)، و"تفسير الرازي (٣/ ٦٨).
(٣) رواه أبو داود (٢٨٧٠)، كتاب: الوصايا، باب: ما جاء في الوصية للوارث، والترمذي (٢١٢٠)، كتاب: الوصايا، باب: ما جاء لا وصية لوارث، وابن ماجه (٢٧١٣)، كتاب: الوصايا، باب: لا وصية لوارث، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٦٧)، عن أبي أمامة الباهلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>