للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَسَنُ: إذا أوصى الرجلُ لغير ذي قرابة بثلثه، فلهم ثلثُ الثلث، والباقي لقرابته (١).

وقال أكثرُ أهلِ العلمِ: نُسخ وجوبُ الوصيةِ في جميع الأقربين، ثم مُنِعَ من الوصيةِ للوارِثين، واستُحِبَّتْ لغيرِ الوارِثين، وهو قولُ ابنِ عمرَ ومجُاهدٍ والشعبيِّ والنَّخَعِيِّ والسُّدِّيِّ ومالكٍ والشافعيِّ (٢).

وفي البخاري عن ابن عباسٍ -رضيَ اللهُ عنهما- قال: كانَ المالُ للولدِ، وكانت الوصيةُ للوالدينِ، فنسخَ اللهُ من ذلكَ ما أحبَّ، فجعلَ للذَّكَرِ مثلَ حَظِّ الأُنْثَيين، وجعل للأبوينِ لكلِّ واحدٍ منهما السُّدُسُ، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع (٣).

فإن قال قائل (٤): فالآية محتملة لما قالَ طاوس، فهل تجدُ دليلاً على موافقته أو مخالفته، وأنَّ الأقربينَ غيرُ الوارثينَ لا تجبُ لهمُ الوصيةُ؟

قلت: الدلالة على خلافِ قولهِ مِن وَجْهين:

أحدهما: ما رواه عِمرانُ بنُ الحُصَيْنِ -رضيَ الله عنه-: أنَّ رجلاً أعتقَ ستةَ عبيدٍ في مرضِهِ عندَ موته، لا مالَ له غيرُهم، فأقرعَ رسولُ اللهِ بينهم، فأعتق اثنين، وأرَقَّ أربعة (٥).


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ١١٧).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١١٨)، و"معالم التنزيل" للبغوي (١/ ٢١١)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٠٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٤٦)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٣٧٢)، و"فتح القدير" للشوكاني (١/ ٢٠٥).
(٣) رواه البخاري (٢٥٩٦)، كتاب: الوصايا، باب: لا وصية لوارث.
(٤) في "أ": "القائل".
(٥) رواه مسلم (١٦٨٨)، كتاب: الأيمان، باب: من أعتق شركاً له في عبد.

<<  <  ج: ص:  >  >>