للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وفيها دليلٌ على أن الصائمَ إذا أكلَ وهو يشكُّ في طُلوعِ الفَجْر، ولم يتبينْ لهُ الحالُ، بل استمرَّ على شَكِّه: أنّه لا يضرُّهُ الشَّكُّ، لأن اللهَ -تعالى- أباحَ الأكلَ والشربَ إلى أن يتبينَ لنا الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسودِ، وعلق الحكم على التبيُّنِ لنا، لا على التبيُّن في نفس الأمر (١).

وقال قومٌ: الحكمُ معلَّقٌ على التبيُّنِ نفسِهِ من غيرِ تعليقٍ بنا، فلا يجوز لهُ الأكلُ، وإنْ أكلَ لَزِمَهُ القضاءُ، وبه قال مالكٌ قياسًا على غُروبِ الشمسِ وعلى سائرِ الأوقاتِ الشرعيَّةِ (٢)؛ كالزوالِ وغيرِه، وهو ضعيفٌ؛ لوضوحِ الفرق؛ فإن هذا مستديمٌ لحالِ (٣) الإباحة والإذن؛ كالذي غُمَّ عليه هِلالُ رَمضان، والآخرُ مستديمٌ لحال النَّهْيِ والمنعِ.

* وفيها دلالةُ نَصٍّ على أن اللهَ -سبحانَهُ وتعالى- أوجبَ علينا إتمامَ الصومِ إلى الليلِ، وهو إجماعٌ (٤)، ويحصلُ بغروب الشمس (٥).


(١) وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة. انظر: "رد المحتار" لابن عابدين (٣/ ٣٣٩)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (٦/ ٣٢٥)، و"الإنصاف" للمرداوي (٣/ ٣١٠).
(٢) انظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (١/ ٢٤٩)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: ١١٨).
(٣) في "ب": "بحال".
(٤) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٥٦٤)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (٦/ ٣٢٣)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٢٥).
(٥) وذلك إذا غربت وتكامل غروبها، والاعتبار سقوط قرصها بكامله، وذلك ظاهر في الصحراء. قال الشيخ أبو حامد والأصحاب: ولا نظر بعد تكامل الغروب إلى بقاء شعاعها، بل يدخل وقتها مع بقائه، وأما في العمران وقُلَل الجبال، فالاعتبار بألا يُرى شيء من شعاعها على الجدران وقُلَل الجبال، ويُقبل الظلام من المشرق. انظر: "المجموع في شرح المهذب" للنووي (٣/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>