للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال مالكٌ وأحمدُ وجماهيرُ علماء الإسلامِ من الصحابة والتابعين (١)، فإذا شهدَ شاهدانِ بالزورِ أنَّ رجلًا طَلَّقَ امرأتَهُ، لم يَحِلَّ لمنْ علمَ كَذِبَهُما أنْ يتزوَّجَها بعد حكمِ الحاكم بالطلاق.

وقال أبو حنيفةَ: يُحِلُّ حكمُ القاضي الفروجَ دونَ الأموال (٢)، وقال: يحلُّ (٣) المذكورةَ؛ كالمُلاعَنَةِ؛ فإنه لما حكمَ الحاكمُ بشهادتِهما، فرَّقَ بينهما، وحلَّت للأزواج، وإن كانتْ كاذبةً في الباطن الذي لو لم تُدْلِ (٤) به، لَوَجَبَ عليها الحَدُّ، ولَم تثبتِ الفرقةُ لها على زوجها.

* واختلفتِ الشافعيَّةُ فيما إذا وقع حكمُ الحاكمِ في أمرٍ يسوغُ فيه النظرُ والاجتهادُ، هل ينفُذُ في الظاهرِ والباطن؟ وذكروا ذلك فيما إذا قضى الحنفيُّ للشافعيِّ بشفعةِ الجوار (٥).


(١) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٣٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣١٥)، و"روضة الطالبين" للنووي (١١/ ١٥٢)، و"أدب القضاء" لابن أبي الدم (ص: ١٦٨)، و"المغني" لابن قدامة (١٤/ ٣٧)، و"الذخيرة" للقرافي (١٠/ ١٤٦).
(٢) وقد خالفه في ذلك الصاحبان، موافِقَيْنِ بذلك الجمهور. انظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٦/ ٣٩٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣١٤).
(٣) في "ب": "تحل".
(٤) في "ب": "تُدلي".
(٥) قال الشافعية: إذا كان القضاء في الأمور الاجتهادية الإنشائية، فإنه ينفذ ظاهرًا، أما باطنًا؛ ففيه عندهم ثلاثة أقوال: الصحيح أنه ينفذ باطنا أيضًا. والثاني: لا ينفذ، والثالث: إن اعتقده الخصم نفذ باطنًا أيضًا، وإلا فلا. انظر: "روضة الطالبين" للنووي (١١/ ١٥٣)، و"أدب القضاء" لابن أبي الدم (ص: ١٦٩).
وقد ذكر الإمام ابن دقيق في "إحكام الأحكام في شرح عمدة الأحكام" (٤/ ١٦٦) في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر، وإنما يأتيني الخصم، فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض ... . ": أن الحديث يَستدِل به من يرى أن القضاء لا ينفذ في=

<<  <  ج: ص:  >  >>