للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو المعتمَدُ، ولا يصحُّ ذلكَ مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فهو حَرامٌ بحُرْمَةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ" (١)، إلَّا على قولِ بعضِ أهل العلم بالنظرِ والاستدلَال (٢).

- وأما الجمعُ بين الآيتين فظاهرٌ، وذلك أنَّ قولَه تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٩٣] مطلق في الأمكنة والأزمنة والأحوال، وآية (٣) البقرة مقيَّدَةٌ ببعضِ الأمكنةِ، فيقضى بالمُقَيَّدِ على المُطْلَقِ، ويكون التقدير: فقاتلوهم في غيرِ المسجدِ الحرامِ حتى لا تكونَ فتنة. وإذا أمكن الجمعُ فلا نسخ.

- وأما الجوابُ عن حديث أبي شريحٍ -رضي الله تعالى عنه- فقيل: إنَّ الشافعيَّ -رحمه اللهُ تعالى- أجابَ عنه وعن مثله بأنَّ معناهُ تحريمُ قِتالهم بما يَعُمُّ؛ كالمنجنيقِ، وغيره، إذا لم يكنْ إصلاح الحال إلا (٤) بذلك، بخلاف ما إذا اتحصَّن (٥) الكفارُ في بلدٍ آخرَ؛ فإنه يجوزُ قتالُهم على كلِّ وجهٍ و (٦) بكلِّ شيء (٧).


(١) رواه البخاري (١٧٣٧)، كتاب: الإحصار وجزاء الصيد، ومسلم (١٣٥٣)، كتاب: الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، عن ابن عباس.
(٢) قلت: يعني بذلك أن في الحديث مذكورٌ قولُه: " ... . إلى يوم القيامة"، فكيف يجوز نسخه مع هذا؟! وهي مسألة مشابهة لقولهم: إذا قرن الحكم بلفظ التأبيد، هل يجوز نسخه؟ فالجمهور على جوازه، وخالف فيه بعض العلماء؛ كالجصاص، وحكاه عن أصحاب أبي حنيفة. انظر: "المحصول" للرازي (٣/ ٣٢٨)، و"البحر المحيط" للزركشي (٤/ ٩٨).
(٣) في " أ": "وأن".
(٤) "إلا" ليس في "أ".
(٥) في "أ": "انحصر".
(٦) الواو ليست في "أ".
(٧) هذا الجواب ذكره النووي في "المجموع" (٧/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>