للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: إنما معنى ذلك -والله أعلم- أنها لم تحلَّ (١) أن ينصب عليها الحرب حتى تكونَ كغيرها.

فإن قيل (٢): ما دلَّ على ما وصفتَ؟

قيل: أمرُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عندما قُتِل عاصمُ بنُ ثابتٍ وخُبْيبٌ -رضي الله عنهما- بقتل أبي سفيان في داره بمكة، إنْ قُدِرَ عليه، وهذا في الوقت الذي كانت فيه مُحَرَّمَةً يدلُّ (٣) على أنها لا تمنعُ أحدًا من شيء وجبَ عليه، وإنما تمنعُ من أن يُنْصَب عليها الحربُ كما ينصَبُ على غيرها (٤).

فقد بان لنا من كلامِ أبي عبد الله أَنَّ مذهَبُه تحريمُ نَصْبِ الحربِ والقتالِ على مكةَ المشرَّفةِ -شَرَّفَها اللهُ تعالى-.

فالحمدُ لله الذي بَرَّأَ أبا عبدِ الله مِمّا نسبوه إليه، فهم قومٌ لم يفرِّقوا بين المُتَغَلِّبِ والملتجئ، وأما كلامُ أبي عبدِ الله في هذه الآية، فإنه (٥) يدلُّ على خِلافِ هذا، وذلك أنه قال -رحمه الله تعالى-: يُقال: نزل هذا في أهل مكة، وكانوا أشدَّ العدوِّ على المسلمين، ففرضَ اللهُ في قِتالهم ما ذكر سبحانه.

ثم قال: يقال نزل نسخُ هذا كلِّه، والنهيُ عن القِتال حتى يقاتِلوا، والنهيُ عن القتالِ في الشهرِ الحرامِ بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٩٣]، انتهى (٦).


(١) في "أ": "يحتمل".
(٢) في "ب": "قال".
(٣) في "ب": "فدلّ".
(٤) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ٣٠٩).
(٥) في "ب": "لا يدل".
(٦) انظر: "الأم" (٤/ ١٦٠ - ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>