للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَيءِ شَيءٌ إلا أَنْ يجاهدوا معَ المسلمين، فإنْ لم يجيبوك إلى الإسلام، فادعُهُم إلى أن يُعْطُوا الجِزْيةَ، فإن فَعلوا، فاقبلْ منهم ودَعْهُم، فإن أَبَوا، فاستعِن باللهِ وقاتِلْهم" (١).

قلت: ليسَ واحدٌ من الحديثينِ ولا من الآيتين معارضًا للآخر، بل آيةُ البقرة من العامِّ الذي أُريد (٢) به الخاصُّ، وذلك أن لفظَهُ عامٌّ في المشركين، والمرادُ به المشركونَ من أهلِ الأوثان، وهم أكثر من قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وكذلك الحديثُ مثلُه، فالأمرُ خاصٌّ ببعضِ المشركينَ، وهم عَبَدَةُ الأوثان.

وآيةُ (براءة) خاصَّةٌ ببعضِ المُشركينَ، وهم أهلُ الكتاب.

وكذلك حديثُ ابنِ بُرَيْدَةَ مثلُه.

فالفرضُ في قتال مَنْ كانَ هو أو أبوه (٣) من أهل الأوثان: أن يقاتَلُوا حتى يُسْلِموا، ولا يحلُّ لنا أن نقبل منهم جِزْيَةً (٤)، لما وردَ في سورة


(١) رواه مسلم (١٧٣١)، كتاب: الجهاد والسير، باب: تأمير الإمام الأمراء على البعوث، ووصيته إياهم بآداب الغزو وغيرها.
(٢) في "ب": "يراد".
(٣) في "ب": "آباؤه".
(٤) اختلف العلماء في أخذ الجزية من المشركين؛ فقال مالك والأوزاعي: إنها تقبل، وتؤخذ من كل عابد وثن، أو نار، أو جامد، أو مكذب.
وقال جمهور العلماء: إنها لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب أو المجوس.
وقال أبو حنيفة: تؤخذ من جميع الأعاجم ولو كانوا مشركين.
انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ٢٨٣)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٤/ ٢/ ٤٥)، و"رد المحتار" لابن عابدين (٦/ ٢٤١)، و"التفريع" لابن الجلاب (١/ ٣٦٣)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ٦٢)، و"المغني" لابن قدامة (١٣/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>