للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: اعتبار المماثلة في القصاص، وفي الآلة التي يُقْتَصُّ بها، وقد قال بهذا عامة أهل العلم (١)؛ لهذه الآية، ولقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦]؛ وبفعلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في اليهوديِّ الذي قتلَ الجاريَة (٢)، وإن اختلفوا في التفاصيل.

الثانية: إيجابُ القِصاصِ في القَتْل بالمثقلِ.

وقد قال به مالكٌ والشافعيُّ وغيرُهما من أهلِ العلمِ.

ومنعه أبو حنيفةَ والشعبيُّ والنَّخَعِيُّ (٣).

وهم محجوجون بهذه الآية، وبقتل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اليهوديَّ بالحَجَر، ولقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩]، ولأنَّ في تركِ القِصاص بالمثقلِ ذريعةً إلى إزهاقِ الأرواح، فيؤدي إلى فَسادٍ عظيمٍ.

الثالثة: فيها دلالة على أن للرجل أن يقْتل منِ اعتدى عليه متى شاءَ، لكن عارضَهُ الإجماعُ على أنه لا يجوزُ إلّا بحَضْرةِ السلطانِ، لكن اختلفوا فيما إذا لم يمكنْهُ الاستيفاءُ بالسلطان؛ لعدمِ البيِّنَةِ، هل له أن يقتصَّ حَقَّهُ في (٤) مالٍ أو دم؟

فذهب الشافعيُّ إلى أنَّ له ذلكَ (٥)، وروي عن مالك، وأجازهُ (٦) ابنُ


(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٢٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٣٣).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم التحقيق في هذه المسألة.
(٤) في "ب": "من".
(٥) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٥٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٣٣٠).
(٦) في "ب": "واختاره".

<<  <  ج: ص:  >  >>