للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقطعُهُ، وجاءَ الأنصاريُّ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مُسْتَعْدِياً، فأخبرَهُ بخبرِ حَمْزَةَ وفِعْلِهِ بالنَّاضِحِ، فغرم له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ناضحاً، فقال عمرُ بنُ الخطاب: يارسول الله! ما ترى ما لقينا من أمر الخَمْرةِ (١)، إنَّها مُذهِبَة للعقلِ، مُتْلِفَة للمال، فأنزل الله عزَّ وجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة: ٢١٩]، فكره شربَها قومٌ؛ لما فيها من الإثم، وشَرِبَها قومٌ آخرونَ (٢) للمنافعِ (٣).

قال قتادَةُ: ذمَّها الله سبحانه في هذه الآية، ولم يُحَرِّمْها، وهي يومئذٍ حلال (٤).

وأضاف عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ قوماً، فأطعمهم وسقاهم الخمرَ، فلما حضرَ وقتُ صَلاةِ المَغْرِب، قدَّموا رجلاً منهم يصلِّي بهم، فقرأ بفاتحةِ الكتاب، وقُلْ يا أَيُّها الكافرون، فخلط، فحذف كلمات (لا)، فأنزل اللهُ تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] الآية. فتجنبوا الشُّرْبَ (٥) أوقاتَ الصلاةِ، فكان الرجلُ منهم يشربُ بعدَ صلاةِ العِشاءِ الآخِرَةِ، ثم يرقُدُ فيقومُ عندَ صَلاةِ الفَجْرِ، وقد صَحا، ثم يشربها إن شاءَ بعدَ صلاةِ الصُّبْحِ، فيصحو منها عندَ الظهْرِ إلى العشاءِ الآخِرَةِ، حتى دعا سعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ الزُّهْرِيُّ -وقد عملَ وليمةً


(١) في "ب": "الخمر".
(٢) "آخرون" ليس في "ب".
(٣) انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ١٦٨)، و"تفسير الرازي" (٣/ ٢/ ٤٤).
(٤) رواه عبد بن حميد، وابن جرير الطبري في "تفسيريهما" كما نسبه السيوطي في "الدر المنثور" (٣/ ١٧٣). قلت: رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٩٥)، عن علي رضي الله عنه.
(٥) في "ب" زيادة "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>