للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وقيل (١): كان في مبدأ صدر الإسلام للرجلِ أن يراجعَ امرأته في الحملِ، وإن طلقها ثلاثاً.

وقيل -والله أعلم-: إن قوله سبحانه {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨]، أي (٢): في العِدَّةِ، وهي حامل، ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩].

وقال قوم (٣): نسخها قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

فإن قيل: فمفهومُ قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} [البقرة: ٢٢٨] يدلُّ على أن البُعولَةَ لا تستحقُّ الردَّ إذا لم يريدوا الإصلاح.

قلنا: هذا المفهوم يعارضه قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١]، وسيأتي الكلام عليه -إن شاء الله تعالى- قريباً، فلا مفهوم لهذا الشرط، بل فيه إيماءٌ إلى أن المراجعة في هذا الحال أحسنُ وأولى؛ لما فيه من إصلاح حالهما، وإزالة الوحشة بينهما (٤).


(١) القائل هو ابن أبي أويس: انظر: "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ١٧٧).
(٢) "أي" ليست في "ب".
(٣) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (١/ ٢٣٤)، وانظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٦٥)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ١٧٨)، و"الناسخ والمنسوخ" لابن العربي (٢/ ٨٧).
(٤) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ١/ ١١٥): الرجل مندوب إلى المراجعة، ولكن إذا قصد الإصلاح بإصلاح حاله معها وإزالة الوحشة بينهما، فأما إذا قصد الإضرار وتطويل القطع، والقطع بها عن الخلاص من ربقة النكاح، فمحرم؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا}، ثم من فعل ذلك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>